دراسة نقد سيمائية وثقافية لرواية نساء كازانوفا
لمؤلفها وسيني الأعرج تأليف الأستاذ والشاعر رابح
بلحمدي / الجزائر
يعيش كاتبنا
متنقلا بين ضفتي حوض البحر الأبيض المتوسط من جامعة الجزائر إلى جامعة السوربون،
في باريس وإن كان ينتقل أحيانا إلى ضفاف أخرى من هذا العالم كالوطن العربي وغيره،
إلا أن سعيه بين الجزائر وباريس لها متعة خاصة، لها حنين خاص ولها دلالات عميقة في
عقله الباطني، إنها رحلة والده أحمد النقابي المثقف الأخيرة من فرنسا إلى الجزائر
ليلتحق بثورة التحرير 1954 ضد المستعمر الفرنسي، الذي شارك أيضا في مقاومة
النازيين على مشارف باريس.
قصة بحث أم
وسيني لعرج عن قبر زوجها المفقود كل هذه المشاهد من الظلم عالقة في ذهنية مؤلفنا
الذي لا يتحمل الاعتداء على الإنسان بصفة عامة كما رأينا ذلك في عمله وهو يناجي
صديقه الأديب عمار بلحسن المتوفى 1993 حين يقول له: مضى زمن لم نلتق أنت في وهران وانا
في العاصمة زرتني في بيتي في *عين الله *قلت أحسن من وهران التي بدأ يحتلها بني كلبون.
قلت لك: يا عمار تمنيت ان أبقي في وهران لكن
عصابة الشؤم في قسم اللغة شاءت غير ذلك، في القضية الفلسطينية وهو يبكي عليها
قائلا فلسطين تودع شهداءها، كبرياء.
ليصبح أسودها،
اليوم في نبلس الجريحة، بالكثير من العزة والكبرياء. لن يصبح الدم ماء، اليوم، او
غدا او بعد قرن.
بالغ في
رحمته للإنسان مهما كان في تأثره بالتعذيب وإبادة هتلر لليهود بطريقة وحشية, دون
أن ننسى حضوره الأدبي وانكاره على حرق جمال بن إسماعيل في الأربعاء ناث
ثيراثن حين يقول : الملائكة تموت أيضا
..اسمي جمال بن إسماعيل ,أصدقائي الأقرب ينادونني جيمي.........وفي المغرب العربي
ووحدته حاضر وفي اليمن وفي سوريا ......فهو روائي ثائر في هدوء شجاع في حلم ,متحرك
في سكون , وإن روايته هذه نساء كازانوفا تصب في هذا الاتجاه الدفاع عن حقوق
الإنسانية بكل أبعادها أمام الآخر مهما كان مستعمر , إرهاب ديني تسلط ذكوري مخالف
للفطرة...
نتحدث عن
ذلك حينما نتحدث عن سيمائية عنوان الرواية.
سيمائية
العنوان نساء كازانوفا إن هذه البنية اللغوية علامة ذات دلالة عميقة وانساق ذات
مضمون هام يدور حوله السرد حتى يبلغ منتهاه الذي أراده المؤلف.
جاء في
القرآن الكريم منهم زهرة الحياة الدنيا أي زينة الدنيا وحسنها وبهجتها فالنساء
يكون منهن الأنس والسكن والمتعة المتبادلة بينهما، والنساء شقائق الرجال مكلفات
بواجبات ولهن حقوق مثل الرجل ويكفي أنها الأم، الأخت، الزوجة، البنت ........
وقد تعرض
موضوع النساء إلى ما فيه تفريط وإفراط فقد همشت في دورها في هذه الحياة حتى من
عدها ليست بإنسان أو خلق شيطان كما هو في مجتمعات بدائية وأعراف منحرفة أو هناك من
أفرط فيها لتكون الإله فهي تعبد من دون الله وتستغل أبشع استغلال، كما نرى ذلك فيما
سمي بتحرر المرأة والمجتمع المؤنث.
حررت
لتستعبد وقد شعرن بذلك بعضهن فهن يردن الآن الرجوع إلى الفطرة السوية .....
أما علامة كازانوفا
تحتاج عملية النظر السيميائي فيها إلى أمرين هامين:
معرفة كازانوفا
المشبه به وهو جاكوم كازانوفا الإيطالي 1725/ 1798 المولود ب البندقية .....
معرفة
السياق التاريخي لمدينة البندقية 1725......
لماذا لم
يختر المؤلف شخصية مشابهة له ك إمريء القيس في النساء والمجون ....
معرفة كازانوفا
لوط وهي الشخصية الطاغية الظالمة التي تحدث عنها المؤلف .....
معرفة
السياق التاريخي لمدينة منارة سيتي حيث بناية كازانوفا لوط المسمات لاغروند تيراس .....
la grande terrasse
*جاكوم كازانوفا
في الواقع لم يكن من الطبقة الأرستقراطية العليا في مدينة البندقية إبن ممثلين
تركاه عند جدته من أمه كان فنانا محتالا وكيميائيا وجاسوسا ورجل دين وقانون كتب
الشعر سجن وهرب من السجن سمحت له هذه الشخصية التقرب بالنساء في مختلف الأعمار حيث
ما رحل وارتحل فاكتسب بذلك شهرة زير النساء وقد نظر لذلك في مذكرة له ترجمت لعدة
لغات ...
*البندقية
في عهد كازانوفا كانت مركز من مراكز النهضة الأوربية، ازدهر فيها الفن والأوبرا
الشعر ,الفروسية, يرافق كل ذلك ازدهار التجارة من ذهب وفضة وفن الرسم بالإضافة الى شيوع القمار اذا كانت هذه
بيئة كازانوفا فلتنتظر من فينيسيا فنون الإغراء و الإغواء فما بالك إذا كانت هذه
الشخصية فيلسوفة ومحامية وكاتبة فانتظر الإبداع والتميز في الوصول إلى
عاشقاته .............
*امريء
القيس الملك الضليل المترف ولد بديار بني سعد برغم ان والده هدده مرات عدة ونهاه
عن حياة اللهو إلا أن امريء القيس لم يكف أبدا عن نظم الشعر الماجن، ومغازلة
النساء وشرب الخمر ومصادقة الصعاليك من العرب يصف امريء القيس المرأة التي يباغتها
في أي مكان لأجل المتعة والمتعة فقط:
ويوم دخلت
الخدر خدر عنيزة
فقالت لك
الويلات إنك مرجلي
تقول وقد
مال الغبيط بنا معا
عقرت بعيري
يا امرأ القيس فانزل
فقلت لها
سيري وأرخي زمامه
ولا تبعديني
من جناك المعلل
فمثلك حبلى
قد طرقت ومرضع
فألهيتها عن
ذي تمائم محول
إذا ما بكى
من خلفها انصرفت له
بشق وتحتي
شقها لم يحول ....
أردت أن أقول
للكاتب كما قلت لصاحب بيتزيريا سماها بيتزيريا كازانوفا ليما نستورد كازانوفا
وعندنا إمريء القيس ؟لكن أعلم ان الكاتب يوجه نصه المسرود كيفا ما يشاء ولعل هذا
الأخير أشهر من إمريء القيس في العصر الحديث .......
*كازانوفا
لوط شخصية الرواية: هي شخصية في عالم المال عن طريق النهب والتزوير والرشوة
والتدخل الشركات الأجنبية ,في زمن يعج بالفساد لأن طبعة الرواية الأولى بالعربية كانت بالجزائر سنة 2016, وقد يكون المؤلف كتبها
قبل هذا الوقت بقليل أو كثير المهم وقت تسلط طغمة الفساد المتعاملة مع الأجنبي, في
إنشاء مصانع السيارات تنفخ فيها العجلات والباقي كله تركيب , استراد كل شيء حتى
أكل القطط والكلاب بالعملة وإفراغ الخزينة .
صار لكل
بارون صحيفة الغاشي وبناء المستشفيات وتهريب كل شيء حتى المرضى يعالجون عندهم بحكم
عدم وجود الإمكانيات في القطاع العام، السيطرة على الشركات بعد افلاسها وغلقها
وتسريح عمالها للبطالة والفقر، بعث ثورات مزيفة تحت نقابات مزيفة لمزيد من الحرق
وتدمير البنية التحتية للجزائر والدعوة الى تمديد عهدة رابعة وخامسة لرئيس مقعد
مشلول.
يتنقل أحدهم
بطائرة خاصة من ولاية الى ولاية يغير النساء كما يغير جواربه في كل وقت يطفئ سيجارته
فوق لحم الدجاج والمشوي مع أجود المشروبات الكحولية القادمة من كل الدنيا، هؤلاء
هم من قصدهم المؤلف لكنه موه باسم لوط كازانوفا، ذكر المؤلف بعض هذه الانتهاكات،
لكنه ركز على استعباد النساء بالخداع والاغتصاب، وهضم حقوقهن الشرعية لامتلاكهم
مصدر الفتوى الإمام ومصدر القوانين بامتلاكهم الأيدي والأعين في كل مكان الأمن،
الصحة، الأسواق، المطارات، الوكالات كل ما يطير أو يحط إلا بأمر من هؤلاء الطغاة.
المؤلف لم
يذكر أسماءهم لكن قائمتهم الطويلة في شتى السجون وملفاتهم في شتى المحاكم ,كل هذا
الواقع سيؤدي إلى حتمية وهي ثورة الشارع والحراك لهذا صنعوا الازمات منها الإرهاب ,فهم
من صنعوا الفكرة وجندوا من أكلتهم أزمة البطالة والتشرد واليتم ,ووفروا السلاح
للقاتل وصنعوا المواكب الجنائزية واختاروا الضحايا للوصول بهم الى الحروب الاهلية
,بعد أن وفروا الإقامة والأموال عند الآخر المستعمر السابق المنتقم من الشهداء
والوطن بأبناء الشهداء والوطن ......
منارة سيتي
هي بندقية لوط كازانوفا تمثل كما جاء عند أصحاب النقد الاجتماعي البنية التحتية
لاسواق وموانيء ومحلات ومؤسسات
تخدم من
تشاء وتهمش من تشاء، استعباد مطلق وتسخير بلا حدود، بالإضافة إلى تهميش المثقفين
واهل الفكر الذين تقتلهم الحسرة على واقع مزري لكن لا يتكلمون إلا بالقدر اليسير يواسون
من أنهكتهم هذه الحياة أمثال حوار يتكرر بين العم خلدون وبائع الخبز والجرائد كابي
......
يذكر نماذج
من النساء الذين حملوا الأزمة في أرحامهن وعلى كواهلهن فمنهن من تأقلمت مع الواقع المزرى
ومنهن من انفصلت بعد أن أخذت نصيبها من البلوة ومن هن من كانت أداة للانتقام من
هؤلاء الرجال لكنهن اجتمعن في ذلك اليوم المشهود يوم الغفران
يوم انتظار
الدخان الأبيض من الإخوة المجتمعين لانتخاب الخليفة .....
*لالة
الكبيرة لدام بلونش: تمثل المرأة الأولى في حياة الرجل تفقد كل شيء العاطفة،
الاهتمام أمام الصغيرات الوافدات الجدد من نساء لوط كذب على الزوجة الثانية زينا
أن هذه الأخيرة ستموت بالسرطان .....
*زينا امرأة
الأوبرا التي تمثل المرأة التي يغريها الرجل بباقة الورد ثم الفنادق والرحلات وتشجيعها
لتصل الى المجد ثم سرعان ما تفقد بريقها لتصير مثل غيرها ولها أن تختار المواصلة
مع الاستعباد أو الرحيل والعودة إلى ماكانت فيه وكان لها ذلك....
سراي امرأة
من يهود توات تزوجها كازانوفا لوط بعد أن خطبها من أهلها وإخوتها اليهود حين زار
صحراء توات وهنا تثار حقيقة هامة جدا وهي حقيقة نازلة
يهود توات هناك من يتباكى عما حدث لليهود في تمنطيط وما تعرضوا له متجاهلين ما قام
به هؤلاء اليهود من عبث وفساد في البلاد لا ينبغي تمجيد
اليهود تمجيد كبيرا وتقزيم دور المغيلي
الذي طهر المنطقة من هؤلاء اليهود لما فيهم من خبث لا ينقطع وقد تعاونوا مع الاستعمار
الفرنسي ومزال كيدهم إلى اليوم يهدد منطقة الساحل الجنوبية ,قد يفهم من النص أن المغيلي كان كهتلر هذا لم يحدث لقد أدبهم و أجلاهم عن المنطقة ,لم
يتغيروا وما يصنعونه اليوم في فلسطين كاف أن يحذر منهم و يخشى خطرهم ,لا ندري اليوم لما يثار هذا الموضوع ؟هل هو
وسيلة لإظهار تسامح المؤلف ؟أم أشياء أخرى لا نعلمها لكن نحسن الظن بالكاتب وسيني
لعرج لمواقفه الوطنية والعربية و الإنسانية المعادية لإبادة الشعوب منها الشعب
الفلسطيني .......
*روكينا أو مريم التي اغتصبت عذريتها وسرق منها مولودها في مستشفى
لوط كي لا يعترف به ويدفن في مكانه جثة أرنب أم المولود يتربى في جهة أخرى وتربطه علاقة
بأمه دون ان يعرف ثم يقتله الإرهاب وهو يدافع عن خطيبته ......
خلاصة لهذه الدراسة:
كان المؤلف بارك الله في عمره آية في الإبداع وصناعة الصورة المشينة للفساد وما
ينجر عنه من ضرب حقوق الإنسان وتكريس الاستعباد فشكرا له .............
كلما توفرت
أسباب الفساد حل بالحرث والنسل البوار والضياع وكلما توفرت أسباب العدل وبذل الخير
كان النماء والإزدهار ......إنتهى
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع