بين شـدّة الوعي ورقّة الطفولة إرادة من نور "التشكيلية التونسية هاديـة بوخروبـة تحلّق إبـداعا" -
سارة الرمضاني تونس
كلّ شيء جائز في بلاد العجائز كلّ شيء جميل في دنيا أسيل
هادية بوخروبة فنانة تشكيلية تونسية عصامية، تعمل في تصميم الجرافيك،بكالوريا اقتصاد وتصرف وتحمل شهادة في تصميم برامج الكمبيوتر. تحمل عضوية اتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين، وعضوية الاتحاد الدولي للفنانين التشكيلين العرب بجمهورية مصر. فتلك الموهبة التي تسكنها فطريا جعلتها تبتعد كل البعد عن الاختصاص الذي درسته دون الالتفات إلى الوراء مقبلة بكل وجدانها نحو عالم الإبداع. بدأت أولى مشاركاتها الفنية سنة 2003 ولها سبع معارض شخصية وما يزيد عن 25 مشاركة فنية جماعية داخل الدولة وخارجها، ولها عديد الجوائز التقديرية، إضافة إلى إصدارها لقصة أدبية تحت عنوان "أسيل في بلاد العجائز" وهي قصة خيالية تأخذنا في رحاب الخيال وتطوف بنا في عوالم الأحداث العجيبة دون إهمال للواقع مبثوثة بالقيم التربوية والتعليمية. ما لفت انتباهي..-أنا كقارئة لقصّتها-، تلك البلاد التي زحفت عليها الشيخوخة بما فيها. جعلني أتساءل، هل الشيخوخة وطن بأكمله طغى عليه سنّ اليأس الجماعي وملك القدرة على جعل العجائز يكبرن ويهرمن في بضعة أيام؟؟ هل الملل والضياع والرتابة جزء من العجائز؟ أم من مواصفات البلاد؟؟ قصّة عجيبة تفوق الروعة في بلاد لازمتها الشيخوخة بليال مظلمة متكرّرة وبصبح واحد. تقول هادية بوخروبة عن قصّتها "أسيل في بلاد العجائز" أنها لحظات من الخدر واللاّوعي، خرجت من ذاكرة تعب وحزن وواقع مظلم في بعض زواياه كلوحة فنية تزينها الظلال تحمل في طيّاتها الفرح والتفاؤل وتوقظ الطفولة داخل كلّ منّا وتزرع فينا إرادة من نور. وتقول أنّ الإبداع بحر شاسع.. طالما تنبض الروح بالإنسانية والوجد، فهو كائن حي يتخبّط بداخلنا وينتظر لحظة المخاض. أما الناقدةفاتن الحاج صالح فقد حدّدت في قراءتها النقدية ملامح القصّة عند بوخروبة فأشارت إلى التناص الذي يبدأ من عنوان الكتاب مع القصة العالمية الشهيرة (أليس في بلاد العجائب)... ما أعسر أن يكتب راشد لطفل فهذه الكتابة تتطلّب درية ودراية مثلما تتطلّب وعيا ورقابة ذاتيّة. وما نلاحظه هنا في هذه القصّة أنّ الكاتبة على تكوينها العصامي قد أفلحت في تحقيق المعادلة الصحيحة بين حرّيته في ممارسة فعل الكتابة وتفهّم حاجيات المتلقّي/الطفل. فهادية بوخروبة قد اكتنزت قصّتها بجماليات النصّ القصصي من جانب واكتنزت روحه باحترام المتلقّي/الطفل من جانب مواز، حيث تمارس هنا كتابة مخصوصة ذات جمالية مخصوصة تمنح الأطفال زادا إبداعيّا مختلفا.
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع