التشكيل البصري والوان الطبيعة : تجربة فريدة للفنان التشكيلي العراقي إياد الموسوي قراءة / الكاتبة دنيا علي الحسني / العراق
إستطاع الفنان التشكيلي إياد الموسوي في مساره الفني صقل الأفكار والتقنيات الفنية الخاصة به لتعزز قدراته الإبداعية وحس التنوع والابتكار لديه، الذي أتخذ من الرمزيه والتجريد والتكوينات الهندسية، منهاجاً لإبداع أعماله المتميزة التي قدمها في معرضه وحدة الروح في رحاب الطبيعة: وقد استبدل عنوان الاعمال بعبارت أدبية وشعرية مثل لوحة: " تحت نجوم السماء بنيت في قلبي لك منزلاً، مناجاة السفر أنت الغريب وأنا القريب، نسيم عشقك يأخذني بعيداً، العاشقين قلوب في نورها مشكاة ومصباح، وغيرها من الأعمال التي شكلت رؤية حميمة حاورت الفن البصري في جدلية مع الرمزية لخلق مفاهيم تجسد وحدة الروح الخالدة في الفضاء الكوني، والحضور المثالي للذات في تعايشها مع الطبيعة فهو بهذه الرؤية الزاخرة بالرموز يعبر بالمشاهد نحو عمق الأحاسيس والمحتوى، من خلال التأليف بين المحتوى والتجسيد الذي يخلق تكاملاً جمالياً، قادراً على إظهار اللامرئي من خلال البحث في معاني المرئي ضمن رؤية ثلاثية الابعاد. وتعد أعمال الفنان إياد الموسوي بحثاً في الحياة والواقع مكتشفاً منافذ الجمال الخفية والابتكار الفكري والوجودي في تفاصيل الأحاسيس التي تنبع من مخزون الذاكرة والخيال والأحلام، لتخلق بديلاً جمالياً عن ذلك الواقع المتعثر الذي يعيشه الانسان في عصرنا الحالي، وبوصفها تبتكر نسقاً تعبيرياً متوافقاً مع الوجودية وجوانبها الروحية والتأملية، وتخلق انسجام الكون بمعالجة المحتوى بصيغ تشكيلية جمالية يمكن التفاعل معها عن طريق العواطف والوجدانية. فقد تمثلت أعمال الفنان ردة فعل ضد حركة الواقع المادي اليومي في الابتعاد عن التقليد المرئي والنقل المباشر وبحث يتعمق في الانطباع والاحساس العاكس للوعي بالحقائق الخارجية، الذي يوحي بعالم مثالي يميزه التعبير عن الحالات الوجدانية والروحانية، فلوحة " الموسوي" تبتكر عالماً للأفكار التي تعبر عنها، وما الطبيعة إلا منطلق نحو التوافق والتداخل بين الانسان والحلم الجميل والزاخر بالالوان والاضواء ، حيث يقوم الفنان بتغليف التجربية التشكيلية والبصرية بفضاءات غاية بالجمال ويفرز الرموز ويحركها بحيوية لكشف المعاني الخفية والتعبير عنها تشكيليًا، وقد أهتم "إياد الموسوي" برموز الهندسة والعمارة الإسلامية، ويعبر عن فلسفة الميتافيزيقيا بالتصوير المثالي والمشاهد الخيالية التي تبعد الإنسان من الحياة المادية المفرطة. ويتعامل الموسوي مع رموز التشكيل البصري التي يخزنها في ذاكرته منذ نعومة أظفاره والتي تختزل واقع طفولته ومعارفه وقراءاته، وكل مايميز عالمه الصاخب بالقصص والحكايات التي تتشكل بمخيلته وتتبلور في طرح فني تشكيلي يمنح اللوحة حيوية التفاعل والتأثير الحسي والبصري للوصول الى ما خفي من تفاصيل الحياة وللحقيقة التأملية العالية ، وصولاً نحو المحتوى المبتكر فهو يوظفها بما يليق وذائقته وخياله وحلمه وفكرته المحلقة في عوالم روحه، ومن تلك الجمالية يرتب علامات التشكيل البصري ويتحول من القراءة والسرد إلى التفاعل الحسي واللوني في معالجة تشكيلية أصيلة ، فقد أعتمد في تصميم لوحاته على الشكل الهندسي ( الهرمي والطاقي الكوني ، ومثلث الحب ، مثلث السعادة) الذي يتضمن عدة عناصر مثل:( الطبيعة الحلم، الزمن، المرأة … الخ) وذلك بتفعيل رمزي يغوص في أسرار الوجود والكون من خلال علاقات حميمة بين الشعر والموسيقى والتشكيل الوني ، وبسهولة يسمع المشاهد لأعماله أصوت الموسقى والغناء الصوفي والشعر فقد كان "الموسوي" ،يستوحي رسوماته من عالم الجمال والطبيعة ونصوص شعرية ومقطوعات موسيقية حيث يخضع تلك الرموز الوجودية مثل: ( المرأة، الرجل ، والطفل ) وجدليات العلاقة مع الوجود والحياة والطبيعة والخصوبة وعلاقتها باستمرارية الحياة .مما يعني بالنسبة له الحضور الجمالي للوجود بحضور تمثيلي يخلق التأمل والتفاعل بين الشكل والمحتوى كجالية وجودية ، ما يهب الرمز طاقة في الفهم الوجداني للوحاته . ويستمر الفنان الفريد والمتميز إياد الموسوي في التجوال في عوالمه الجميلة وبلغته البصرية الفريدة والرائدة .
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع