من شرفة النافذة
محمد هالي
الآن دائما واقفة، أنتظر من شرفة النافذة، النوم تبخر حين تناثرتَ كالضباب من عيوني، لم أعد أرى سوى شبحك المتطاير في دماغي، أنا و النافذة أصبحنا ذا وزن واحد، هي تحمل أكتافي، تتوسد أكف يدي، و أنا معلقة كثوب مرئي في المشجب، لا أعلم هل أنا يقظة في يقظتي، أم نائمة وسط طلاسمي، ذهني يوبخني على عدم منعك من الصعود، أو الهبوط، كمتاهتي حين كنتَ تخبرني بخطوط الطول و العرض، أنت يا من علمتني الحيطة و الحذر، لم ألقنك الدرس الذي أخذته منك، ما جدوى التعلم من الدروس، اذا لم يصبح التلميذ يلقن المزايا لمن علمه؟ لمن أحاطه بهالة من الحب؟
أعترف بأنك أستاذي الذي تلقنتُ منه حفظ الذات، و إحاطة الغير بما تحبده الأنا من مزايا الخير، ضد ما هو خبيث في هذا الكون.
بكيت كثيرا حين لم أعد أراك، حين لم تعد مثالي الأعلى في التحدي، و الصمود، فشلت ضمن إحباطاتي، سأكظم غيضي إن شئتَ، سأتدرب على الصبر، سأضع كل دموعي على شرفة النافذة، هي جفت بل تحنطت حين تنظر الى الغياب الذي دفن الحضور في وكر ذاكرتي، في أناي الرثة المتبقيةَ، الغير القادرة على الصمود، الغير المرتبة للأولويات، و لا للمتأخرات.
لازلتَ كما أنتَ، حين خرجتَ آخر مرة، تركتَ بصمتين أخيرتين: قبلة على الجبين، و لمسة حارة على اليد، فأصبحتا النهاية المؤلمة، أصبحتا الشجن الأخير ، و الشوق الأخير، كثيرا ما تغسلهما دموعي، و توبخهما تأملاتي، و خير تأنيب حين يتبجح أناي الأعلى و يطرح علي الأسئلة الأخيرة:
لماذا تركتيه يخرج؟ يصعد للتل و حده؟ يفور من هيستيريا السياقة؟ كي يصطدم بحافة التل؟ و يرحل مغلفا بالوداع الأخير؟
كل ما يمكن قوله حبيبي:
نم حبيبي، فأنا لك ضمن الوداع الأخير، رحيلك جعلني أمشط شعري على النافذة، معلقة على الزجاج، أبكي أكثر مما أبتسم، و سأظل رغم فراقنا موحشة، الى أن ينام القمر، و ترسم الشمس ظلنا بأوراق الشجر.
محمد هالي
متابعة / ورضة الأدباء العرب
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع