أُحِبُّ الفَجْرَ.
أُحِبُّ الفَجْرَ مُلْتَحِفًا بِنَارِ الشَّوْْقِ للشَّمْسِ،
أُحِبُّ الفجْرَ بِالبَوْحِ وَبِالهَمْسِ.
أُحِبُّ وَهْجَ حُمْرَتِهِ،
وَلَثْمَ سِحْرِ هَدْأَتِهِ،
أُحِبُّ لَوْنَهُ القَانِي. وَصَوْتُ الدِّيكِ مِنْ شَانِي،
يُزُيلُ كُلَّ أَحْزَاني، وَأَغْدُو نَغْمَةَ هَمْسِ،
تَذُوبُ فِي لَمَى الشَّمْسِ..
أُحِبُّ قَبْلَهُ اللَّيْلَ بِدِفْءِ صَمْتِهِ الشَّرِدِ،
أُحِبُّ هجْرَةَ العَدَدِ،
أُحِبُّ وِحْدَتِي الحُبْلَى بِآمَالِي وَأَشْوَاقِي،
أَغُوصُ كُلَّ أَعْمَاقِي،
وَتَارِيخِي أُبَعْثِرُهُ أرُومُ سِرَّهُ البَاقِي.
أُحِبُّ خَمْرَتِي فِيهِ مُقَدَّسَةً،
حَبَابُ كَأْسِهَا يُشْفِي مِنَ الأَدْوَاءِ وَالعَسَسِ،
يُطَهِّرُنِي مِنَ النَّجَسِ..
أُحِبُّ سَكْرَتِي فِيهِ بِلاَ نَغَصٍ مِنَ البَشَرِ،
وَكَأْسِي فِيهِ مُتْرَعَةٌ بِلَثْمِ المَاءِ أُخْرِجُهُ مِنَ الحَجَرِ.
لِكَيْ أَحْيَا بِلاَ كَدَرِ.
أُحِبُّ سَاعَةَ السَّحَرِ، بِلاَ وَهْمٍ بِلاَ كَذِبِ،
أُحِبُّ وِحْدَتِي فِيهَا تُبَدِّدُنِي كَمَا التُّرْبِ،
تُفَتِّتُنِي كَطَحْنِ الوَصْلِ للصَّبِّ.
لِكَيْ أَحْيَا مَعَ اللَّه بِوَعْيٍ ثَاقِبِ النَّظَرِ،
صَفِيًّا دَائِمَ البَذَرِ..
فَيَعْفُو عَنْ خَطَايَايَا بِلاَ كَلَلٍ وَلاَ مَلَلِ..
أُحِبُّ نَغْمَةَ القُبَلِ،
تُبَعْثِرُنِي كَلَحْنِ الضَّوْءِ فِي المُقَلِ،
تُطَهِّرُنِي مِنَ الآثَامِ وَالشَّلَلِ،
فَأَحْيَا فِي رُؤَى سَحَرِي مَدِيدَ الشَّوْقِ لِلأَزَلِ.
وَأَشْقَى فِي هَوى وَطَنِي مِنَ النُّخَبِ،
تَرُومُ الخِزْيَ فِي اللَّيْلِ وَفِي السَّحَرِ وَفِي الفَجْرِ،
تُغَطِّي الصَّفْوَ بالسُّحُبِ،
تَهُدُّ الوَصْلَ بالنَّصَبِ.
وَلاَ تَحْيَا سِوى بِالوَهْمِ وَالعَفَنِ كَكَلْبٍ لاَعِقٍ كَلِبِ.
صالح سعيد / تونس الخضراء
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع