لا تبعثروا العائلة
تتمزّق أحشاء الأرض فتسمح لجذور الأشجار بأن تتمدّد بل و تحيطها بكلّ ما أوتيت من حنان وتغدق عليها من لحمها لتكتسي وتتغذّى وتنمو ...تشتدّ الجذور فتتمدّد أكثر وتمتصّ أكثر من جسم من آواها و احتضنها وكلّما طال الزّمن زادت الأرض من جهدها و أعطت من حياتها وعمرها للنّباتات على اختلاف أنواعها. فكما أعطت للأشجار أعطت للأزهار وللعشب وللشّوك الذي هو بدوره نبت من رحم الأرض وتغذّى من أديمها..تستهويك القصّة فتتساءل لم كلّ هذا والحال أنّ الأرض تعطي وقد لا تأخذ شيئا وقد تتأذّى في بعض الحالات من هذا العطاء المطّرد..ويحدث ان تقحل التّربة لسبب خارج عن إرادتها فنصبّ عليها جام غضبنا و نسبّها وهي الّتي ما بخلت عنّا بشيء. غريب أمرنا ..
يأتي المربّي فيعطي هو أيضا متعلّما من الأرض وهو الّذي درس عنها واستفاد من ذلك ليعطي من وقته وحياته ويفنى في تقديم الغالي والنّفيس وقد يلبس جبة الامّ والأب والصّديق ليمرّر لمنظوريه كلّ ما يلزمهم ليكونوا في صدارة مستقبل البلد ويحتلّون مراتب تسمح لهم بدورهم ان يقودوا البلد إلى صفاء سمائها وخلوّ سبيلها من العثرات والشّوائب المعيقة للتّقدّم ..ونتيجة المخاض الّذي يحصل في المدرسة والمعهد هو ربيع جمع المحامي والطّبيب تحت خيمة عائلة واحدة كما يحصل في الأرض أن تنتج زهرا وغلالا و...والمثال ينسحب على الأمّ فمخاضها ينتج بنتا أو ولدا او حتّى توأما أو ربّما توائم. لكن حذار قد يأتي المولود مشوّها .ليس لأنّ الأمّ أرادت ذلك أو فعلت في ذلك إنّما المثير الخارجي أو المؤثّرات الخارجيّة أونقص تغذية او...أو....هي الّتي أثّرت رأسا في الجنين فهو يتأثر بما يؤثّر في أمّه فيولد الطّفل مشوّها أو مريضا أو يولد في حالة طبيعيّة أو حتّى ذا مؤهّلات لم يحز عليها غيره ..نسوق هذا المثال ليحيلنا على ما يتعرّض له المربّي في مؤسّسته وخارجها ممّا يؤثّر سلبا على رؤية المتعلّم للمربّي بصفة عامّة. فإمّا أنّه سيثور عليه أو أنّه سيتفاعل معه إيجابيّا فيكره المجتمع ويثور عليه وفي كلتا الحالتين نحن إزاء ولادة مشوهّة لا تصنع ربيع المجتمع. أقول في الأخير المربّي والمتعلّم عائلة لها أسرارها .أتركوا أسرار العائلة للعائلة واهتمّوا بما يطوّر هذه العائلة ويمكّنها من تحقيق غاياتها النّبيلة ..
رشدي الخميري/ جندوبة / تونس
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع