فصول من سيرة الطّوّافين (2)
-------------------------------------------
وطفقنا نرحل في خلاء البيدِ
يقتلنا الجفافُ،
اذا هفا ريح الشمال مُحمّلا بالطلّ
يصفعه الجنوبُ،
صهـــل الــمـــدى
ورَنَت قوافلنا الى غبش السرابِ
نأتْ مواكــبُنا ، نأتْ
تعبت خيول الروح من وجع العناءِ المرّ
تشربُ صبرها مِلحا، أَجَـاجًـا، قاتِــلاً
وتعلّقتْ بالـوهـمِ ، والـوهـمُ كذوبُ
هَــلّاَ قرأتُـمْ من صحائفنا فصولَ الوجدِ
والــوَجْـد سطـورٌ فـي كـتابٍ
مُـعْـلَنُ الكلماتِ، مكشوفُ الخفايا...
هـل سـمـعتُـمْ بَــوْحَـنَـا ؟
في لوعة العشّاق من دمنا دبيبُ
هـــــلَّا فـهـمْـتُـمْ عذرنــا،
أو هل قبلتم أوْبـةَ الغادينَ
لو ندموا كثيرا ،أشـرعوا الصدق مَلَاذًا
واحتموا بدموعهم ، وتراجعوا
علّ اشتعال الروح يغفر وِزْرَهُــمْ،
تُـــمْــحَــى الــذنــوبُ
لو انّكم بايعتمُ الأحبابَ، أزهر ودُّهُم
وتهافـتــوا أسـرابَ طيرٍ
في الصباح البكر تخفره الطيوبُ
هل تنكرون على الغريب نحيبَـه
والشوق جمراتُ الفراقِ المــرّ
أجــّجـهــا النحيبُ...
انا الموجوع بالطعنات أسـعَــى
على مضضٍ، إلـى حتفٍ تدانـى
وبـي تفاصيلُ العنا، جرحٌ عطيبُ
ما عاد يغريني التسكّـع عند أرصفة الموانئِ
لولا أنْ نفخت على ربع الهوى ريحٌ هَـبـوبُ
قالوا احترسْ يا هذا إنّك واقـــعٌ
فمزالقُ الأيّام في درب الهوى
أمــــرٌ عــجــيبُ
قلت: أجلْ
بل إنّـَي أدرِك ما أقول من الكلامِ
وما أُشير ، وما أبوح ، وأكْــتُــمُ،
ما تَرَسَـّخَ في المدى من أُمنياتي
وأفهــم لغتــي وصمتــي
واعترافاتِ المواجع في دمي...
بـل إنّـــي نــــــارٌ
حـين يُخمدها انبثاقُ الفرْح
تُــشــعِــلنــي الــخـطــــوبُ
الهادي العثماني/تونس
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع