كرونا رواية الموت ام موت الرواية
ظهر وباء كرونا في ظروف غامضة اعمت الكل على البحث في أسباب ظهوره وأصيب العالم بهلع القيامة. بدأ كل شيء غريبا وبدأ الموت يلتهم الإنسان ويضعه أمام حقيقة ضعفه وهزيمته النكراء بعد أن كان يري نفسه قد مسك بكل مفاتيح الوجود... وتبدأ رواية الموت ، السارد فيها متعدد والبطل فيها غائب والشخصيات تنوعت الي حد التلاشي والأحداث تدور في حلقة مميتة ومسار لا رجعة منه هو الموت... الرواية لاهي بالبوليسية ولا بالرومنسية لنقل واقعية ولكنها تميت الحروف وهي تسجل نفسها. كل إنسان صار ساردا ويرى انه ماسك بخيوط السرد بل واعيا بما يجري... وكل البشر باتوا أئمة للوعظ والارشاد... رواية الموت لفت كل الألسنة واستدعت الرثاء والتأبين وتعزية النفس... بدأت فلسفة الموت تعانق الكرة الأرضية ولكن دبت الحياة في الطبيعة لأنها تخلصت من جبروت ذاك الذي ظن انه الالاه. من جهة نحن مع رواية الموت وهي أيضا رواية الحياة وهنا تطرح مفاهيم الموت والحياة، الجبن والشجاعة... فيروس صغير يفضح البيت بمن فيه ويعري كيان ذات رأت في نفسها كل الوجود.... مع كرونا هل ماتت الرواية ومات السرد.؟! . لعل اكثر جنس حارب كرونا وتشبث بالحياة هو جنس الرواية ولم يلزم الصمت وإنما أخذها موضوعا وفضاء يعانق فيه عوالم جديدة... صمت الكتابة ام كتابة الصمت... في النهاية الحرف خرج من عنق الزجاجة واحتفي بنفسه في ملتقيات عن بعد و استطاع ان يصل لكل العالم مفردا قسما كبيرا لنفسه في التكنولوجيا الحديثة وظهر مايسمى بالملتقيات الأدبية عن بعد.... كرونا لم تقتل الرواية بل ألبستها ثوبا جديدا يليق بنقدها ومعاشر تها واستحب النقاد هذا الفضاء الافتراضي... نعم توقفت الرحلات ولكن لم تتوقف رحلة الكتاب.... كرونا رواية الموت عند البعض ولكنها نضال طريف للرواية والأدب من أجل الوجود.
لا ابالغ ان قلت من عانق الكتابة والتحق بالملتقيات لم تتسلل اليه كرونا بميثولوجيا الموت وربما صارعها وهو يكتب وحافظ على حياته بالقص والنقد. من جديد تثبت الكتابة وفعل القول جدارتها في حماية الإنسان من الموت.. ألم تضمن شهرزاد حياتها بفعل القص؟
لولا القص لماتت شهرزاد من الليلة الأولى ولولا فعل الكتابة والنقد لماتت الرواية وماتت معها رحلة الإبداع في الانسان.
نحن لا نبالغ ولا نصطنع الحلول للوباء... نحن ننقل فعلا قادرا على تجاوز ما ارهب العالم.. فعل الحكي وفعل الكتابة وفعل النقد والبناء... كلها عانقت الوجود في غياب التواصل الفعلي ليحضر التواصل الافتراضي... لكن ما نخشاه ان يظل هذا الكائن العاقل كائنا افتراضيا في عالم يدحض كل فرضية لا تناسب خارطته الجيوسياسية او الفكرية ثم هل يمكن لنا الان أن نمسك بكل خيوط السرد للرواية غريبة الأطوار اسمها كرونا.؟! أجزم القول بأن السرد مهشم والسارد مات وهو يسردها والأحداث مبعثرة لم تجد من يلملمها لا شخصية قادرة على لبس كل الأقنعة ولا المكان يتحملها حتى الزمان صار خوانا بوجودها ...
حياة حسين البوسالمي
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع