الأمل - رشدي الخميري
الأملعشت على أمل أن استيقظ يوما ما فأجد أنّ الأبواب الّتي كانت موصدة قد فتحت. ورجوت من صميم قلبي أن أكون من بين الّذين سدوسون على كلّ خطّ فصل بيني وبين أبناء تربتي. لقد شاهدت في حياتي لحظة بلحظة تمزّق وتشتّت أبناء الوطن الواحد وكانت أسباب الفرقة مبنية على رغبات الغرباء عنّا والّذين لم تعجبهم وحدتنا وتقاربنا. ولأنّهم فشلوا في النّيل منّا ومن ثرواتنا ونحن كتلة فقد عملوا من خلال خفافيش هم كذلك لا تروق لهم فرحتنا، على التّفرقة بيننا وتسييجنا بخطوط لا نراها لكنّها قيّدتنا . هؤلاء الغرباء عمدوا إلى تفرقتنا باستغلال نزوات البعض منّا والانفراد بهم حتّى يبعدوهم عنّا ويؤجّجوهم ضدّنا لأنّنا صمدنا ضدّ رغباتهم. تربّصوا بخبزنا..تربّصوا بأغانينا.. تربّصوا بأفراحنا..فامتلكوا مقاليد كلّ خطوط حياتنا بذلك أصبح الصّراع ينطلق من داخل البيت الواحد ليسّمل باقي البيوت فهدّمها واستأصل أسسها. ونتيجة تلك الخصومات المفتعلة كان يستفيد منها الغريب ويكرّس سلطته علينا وعلى من اتّبعه منّا وانتهينا إلى إخوة أعداء تحت سقف البيت الواحد. وفي خضمّ هذا، عشت أتعلّم من أبي وجدّي أنّ سبب أيّ رقيّ في الحياة هو الالتزام بالانتماء وعندما نحبّ ما ننتمي إليه نتطوّر به ونطوّره. عندما نحبّ بلدنا نتطوّر ونرتقي به لأنّنا نريده مزدهرا لنستقرّ وننعم فيه وبه. عندما نحبّ موروثنا بالنّظر إلى كلّ مقوّماته وما أخطأ أسلافنا فيه وما أصابوا فسوف نتطوّر وبذلك نقوّم ما اعوجّ ونعزّز ما كان صائبا. تعلّمت أن أكون ندّا لأيّ إنسان بغضّ النّظر عمّا هو عليه فلا أكون تابعا له ولا أشعر بنقص أمام أيّ كان وبذلك لن تغريني سوى بلدي ولن انحذب إلاّ لما يقوّيني وينمي بلدي وأهله. لقد كبرت في جيل تشبّث بالأرض فكان يراها الأجمل في العالم والأغنى ومهما نالنا من هذا الحبّ فإنّنا لا نفرّط ولو في شبر منها. كنت أفكّر في كلّ هذا فرأيتني كمن يحلم وأنا أرى كلّ ما تعلّمته يسقط أو يتهاوى مع الوقت. كنت أراني شاخصا لا يمكنني أن أرتّب أفكاري ولا يمكنني أن أجمع عناصر صورة واحدة أقرأ منها الأمل مستقبلا يفنّد كلّ صور الحزن والبؤس الّتي أرى في وطني. قد يحدث هنا او هناك ما يبقي فينا جرعات أمل ولكنّها مازالت غير كافية لنستقرّ على ذلك الأمل. أعلم أنّ قد أكون مبالغا في حديثي لأنّي لا أستسيغ لبلدي سوى لونها وزينتها الّتي عهدنا. أعرف كذلك أني لست الوحيد الّذي يحبّ البلد لكنّي. ليتني أكون أحلم بهذا المشهد لأستيقظ من نومي فأجد البلد كما أحببناه أن يكون ولأجد النّاس قد استقرّوا على أمرهم في حبّهم للبلد.
رشدي الخميري/ جندوبة/ تونس
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع