فلتحبّوا البلد دون سواه
كم أحببنا إشراقة ذلك اليوم وكم استبشرنا خيرا. كم فرحنا بأنفسنا وبما خلنا أنّنا أنجزناه. تنفسّنا الصّعداء بعد طول معاناة. كم كانت قهوتنا لذيذة وكم كان أكلنا شهيّا في ذلك اليوم. كم فرحنا وضحكنا وصنعنا ممّا فعلناه ملحمة وتفنّنا في التّغنّي به وتفنّن غيرنا في وصفه وتمنية النّفس بالسّير على هديه بل وسار. استقبلنا التّهاني و التّمنيّات الجميلة ورددنا عليها بأجمل ما نملك من عبارات. فتحنا نوافذنا وأبوابنا واستقبلنا تلك الإشراقة والنّفحة الجديدة. جديدة ،لأنّنا خلنا أنّنا صنعناها وهي جديدة لأنّنا خلناها تحمل بصمتنا دون سوانا. رحنا نتابع مخرجات ما فعلناه وانتظرنا فعلا جديدا يمثّلنا ويروي عطشنا وينفّس عنّا كربنا وهمومنا الّتي عشناها من قبل وعلى مدى سنوات أثقلت كاهلنا. سمحنا بالأخطاء على أساس أنّ الخطوات الأولى عادة ما تكون متعثّرة ولا بدّ لها من دربة وعلى أساس أنّ هذه الأخطاء قابلة للتّصحيح. طمع فينا القريب والبعيد واعتبرنا ذلك من طبيعة حبّ الامتلاك و السّيطرة لكنّنا اجمعنا أنّ الأمر بأيدينا وليس بأيدي غيرنا لذلك وقفنا وصمدنا لنحافظ على إشراقة شمسنا الّتي أحببنا. لم نبال كثيرا بما قالوا وبما أبرموا واعتبرنا أنّ ما عاشه النّاس في بلدنا سيجعلهم قادرين على الفرز واستخلاص العبر وفهم مجريات الأحداث وعواقبها. ثمّ مرّ الوقت وانطلت علينا هذه الحيلة وتلك وقبلنا بعضها عن طيب خاطر لأنّنا وضعنا بين أمرين أحلاهما مرّ حتّى بتنا قاب قوسين أو أدنى من أن نكون "حليمة " في الجمع عندما عادت لعادتها القديمة..ههه.. وبعد، مع كلّ هفواتنا وزلاّتنا لازالت فرصتنا قائمة لنغنم من إشراقتنا ولننجو بها من اهوال العتمة. مازالت الفرصة سانحة لنبصم بصمة الّذين يحبّون البلد دون سواها، و بصمة الّذين وعوا وفهموا أصل الحكاية وما ستؤول إليه حاضرا و مستقبلا. سندرك صبحا جميلا إن أردنا، وسندرك أفراح اللّيل والنّهار وكلّ الزّمان إن تشبّثنا بما صدحنا به بادئ ذي بدء. وهذه المرّة نريد أن نفتح أبوابنا ونوافذنا إلى الأبد ولا نخاف من انتكاسة الشّروق. لا نريد عودة الظلمة والعتمة، الأمر بأيدينا وليس بيد أحد آخر قد يظلّلنا، فإمّا أن نفكّر في البلد وبذلك نحيا ونعيش العيش الكريم مهما عسرت بدايته، وإمّا أن ننظر أمام أنوفنا فقط ونفكّر في مصلحة آنية ساذجة فنترك حياتنا " أو بالأحرى مهزلتنا" بيد غيرنا يسوقوننا سوق الحمير وأتعس. وهذه الإشراقة الجميلة تنتظرنا كلّنا وتنتظر بصمة جديّة وبصمة من يحبّ البلد دون سواه ، فالنّاس من حولنا تشبّثوا بالبلد فنجحوا وفازوا وآخرون تشبّثوا بمصالح سخيفة فحصدوا السّخف والمهزلة ..فلننتبه ..فلننتبه...
رشدي الخميري/ جندوبة / نونس /
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع