صديقتي
أتأبّطها أحيانا وأحملها أحيانا أخرى وقد أخاف عليها من الأنواء فأخفيها بين ذراعيّ وعلى صدري. تلازمني و لا أملّها وقد أتعب فأرجو ألاّ أتعبها معي لذلك تمنّيت آنذاك أن تبقى في البيت فلا تخرج معي كي لا تبتلّ فتملّني هي ولكنّي مجبر على اصطحابها. هي هويّتي بين النّاس فهم يعرفوني عندما تكون هي بين يديّ والحال أنّي لا أعرفهم. وقد يصادف أن أكون من دونها فيذكرني النّاس أنّني هو نفس الشّخص الّذي رأوه صحبتها. هي عنوان يحتمل عناوين، و هي صورة تنفتح على الدّنيا. هي أيقونة تندرج تحتها كلّ الآمال وتنبثق منها فسحات الآفاق . هي صوتي و كلماتي و أغنيتي الّتي لاتنتهي ولا تتقادم حتّى و إن تغيّر لحنها. أطلب منها كلّ حاجتي أو حتّى هواياتي فتغدق عليّ بما تملك . صديقتي لا تطلب لنفسها شيئا فقد تكرّست لي حتّى أتفرّغ لنفسي و لمن حولي على هديها أو أقوّم ما اعوجّ تحت نظرها. كلّما زاد يوم و نحن في وئامنا إلاّ و تعلّمت منها الشّيء الكثير وأرسلت تحت إشرافها أبلغ المعاني وقدّمت أعمق الدّروس. فضلها عليّ وعلى النّاس كبير. صديقتي هذه لا تؤمن بتسويف أو تأجيل المعضلات . سلاحها مهاجمة المعضلة في عقرها و دحضها لتكون هي بديلة عنها كحلّ مفيد لا كمشكل معيق. وحيث ما ظهرت يرتجف عدوّها و عدوّي لأنّه لا يمكنه أن يستوطن وهي حاضرة، و لا يمكنه الصّمود حتّى إن حاول فصديقتي تحمل قضيّة و صاحبة حقّ أمّا عدوّها وعدوّي فهو هجين من جهة و مبتور الأصول من جهة أخرى حيث لا متّكأ ولا سند له. وحبيبتي مصلحتها السّعادة و الرّفاه أينما حلّت بينما البؤس و التّعاسة هما غاية عدوّها. حبيبتي لها إرث استخلفت فيه وهي بدورها تستخلفه النّاس حيث حلّت ولا فرق عندها بين القريب والبعيد و بين الأبيض أو صاحب لون مغاير..لا فرق عندها بين الفقير و الغني، ولا بين قويّ وضعيف، بينما عدوّها يفصل بين النّاس في ألوانهم ومناصبهم وأصولهم ..فهو يهاجم الضّعيف لأنّه سلاح بأيدي الأقوياء، و يفرّق بين النّاس لأنّ قوّته في تفرّقهم وتشتّتهم وهو يبقي على الفقر ليسود كلّ غنيّ وجد غناه في فقر الآخرين وبقائهم امّيّين..سأبقي دائما على صداقتي بمحفظتي فهي عدوّة الجهل وأتباعه. فشكرا يا محفظتي أنّك صديقتي الوفيّة وأنّك قائدة نحو الانعتاق والتّطوّر.
رشدي الخميري/ جندوبة / تونس
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع