وانفلت القمر - لمياء بولعراس
من مخطوط مجموعتي القصصية «وانفلت القمر»
قصة قصيرة مذيلة بالشعر
وانفلت القمر
لكم جالت في ذهنها فكر ،تكاثرت الى حد الدرك الاخير من مواطن الاستيعاب....اخذت تحرك براسها يمنة ،يسرة،....لم تستقر على حركة ثابتة ...اصابها ذعر تمطى في هواجسها،تلظى من شعور الاغتراب الذي استبد بها....كيف
لها ان تسلم هذا الجسد الضعيف الغض لذلك الشيخ
المتصابي ؟! انتهك حرمة انوثتها ،تجبر على صباها ،تطاول
على فقرها ،..وكشر عن صفقة تجيز بيعها في سوق
العبيد بوثيقة زواج ....ايّ زيجة هذه ستزفها عروسا متلبدة
الدم في اواصل نزفته الى حد الافراغ والاستنزاف ،..
احيطت بالزغاريد ، تحنت بالطين ،ذرفت دموع المهانة
من النخاع ...وضعوا المساحيق على وجه عبوس غارت
فيه الحياة في بؤر عميقة الغياهب، ..خرجت النسوة
من مزاد بيعها العلني ..هوت متهالكة على بقايا حاشية
تفترشها ...وقفت فجاة كانها استفاقت من حلم مرعب...
لن يصير حقيقة ...تمكرت لوضعها ....هرولت نحو النافذة
وقفزت لتجري نحو الغاب ...تغادر دون رجعة قبل ابرام عقد قران البهتان ...مفرها حقيقة دون زيغ ......
بلغت الغاب الموحش في ظلمة حالكة رغم اسودادها
باتت بياضا امام حجم مصابها...اخذت تركض
دون هوادة ...هذه الرؤوس التيجانية السامقة في
طريق الغاب سترتها من عيون عذالها ...ياه استحال
فستانها الابيض سراجا هداها لعبور الجسر ...انه نور رباني ...ارتسم على تقاسيم طوعت الظلمة هديا مبينا لاعتمالات تكابد عنان السماء في قتامة حجبت عنها النجوم
....هرعت نحو الجسر تزيح بثوبها ما علق بقدميها من
اوحال ..انثنت بقامتها تغدق البصر في انحناء تماثل مع
سعة هذه البحيرة العجيبة..شعرت لفينة انها المهرع من ضيم جروحها ،الملجأ لاحتواء فراغها ...كيف لها الا تنهار
وهي لا تدرك نقطة تجميع لانتظاراتها...عروس تهرب ليلة
عرسها ...اقاويل وفتن سترمي بها في مهب الرذيلة ...
فكرت في الانتحار قبل ان تقع بين ايادي ناحريها ،وائديها
في شبه الحياة ..انحنت تروم الارتماء في البحيرة للخلاص الاخير فالموت كفيل بان يخمد اوجاعها ...ما كادت تفعلها حتى تراءى لها القمر يهوي في قلب الماء ...يسلط نوره من سنا برق عينيها ..هذا القمر وحده مع شتات نفسها ...نفث فيها الروح ضحى بسقوطه في لباب الانسياب بديلا عنها....اوجس لها خواطر ...راود هلعها
لاغوائها بفتنة الاشتمال ....همس لها بصوت تخطى الماء والانواء ،الظلمة والضياء ،الانكسار فالاحتواء. .......
قمر تهادى فوق رؤوس تيجانية
امتثل لميقات انوار ربانية
انبلج من كون ضبابي
اكتمل البدر للعيون الصبيانية .....
ركع لوجود بعث
استردّني من جوارحي
أزفّك عريسا لعذريتي
اشع بك اقوض الانتهازية .....
اداري سوأة غيمة غانية
كن غيثا لرزاياي
احتويك بشعلة انثى
انفلت بها نحو سماقة اكتنافية .....
لا أتهاوى من التشظيات
اضمك إليّ سكينة
لحياة تفيض امالا انتشائية
بك انفلت القمرلي لألحق بك
نحو الحوريات المرجانية
لمياء بولعراس
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع