بنّ و سكّر
عند طاولة
في ركن ضبابيّ
جلست وقد
داعبت أنفي
رائحة البن
معتّقا،
فاح كمسك أذفر
ضاع من حقّة
خبّأتها بين
أضلاع خزانة
أغلقتها
على ذكرى
حبيبة لازالت
صورتها
تراقص خيالا
يذوب
كقطعة سكّر
أضع طابع سكّر
أحرّك القهوة
بملعقة صغيرة
لعلّ طعمها يتغيّر
أضيف طابعا آخر
وآخر
و مرارة البن لا تغادر
وضعت فيها
كل ما في
الوعاء من سكر
غضب النادل
لكنه كتم غيضه
بلطف
سيّدي، هل تريد مزيدا
من السكر؟
نعم ، من فضلك
مع ملعقة أكبر!
فمرارة فنجاني
لا يواريها
حمل بعير
أو أكثر
أنظرُ
إلى كرسيّكِ
فارغا
أنتظرُ
موعدا يتأخّر
أسكب قطرات
في صحن الفنجان
فترتسم صورتكِ
لون شعرك أسود
و وشاحك أسود
و وجهك لا يظهر
ألازلت غاضبة
لأني نسيت
عيد ميلادك
و لم أحضِر
هديّة
خاتم ألماس
أو عقد لؤلؤ
ما نسيت
لكن تناسيت
فما عدت
على إرضائك
أقدر
أتذكرين يوما، كنّا
نتقاسم فيه
رغيف الخبز
أغمسه
في شفتيك
رحيق
عسلا يتقطّر
لا تخجلي
عندما تتذكّرين
حضنا كان
يضمّك
و فمك يطبع
على صدري
طابعا أحمر
أن تطرقي باب
قلبي
فبابه
دائما مفتوح
ينتظر عودتك
كعصفورة آبت
إلى عشّها
نجت من عاصفة
كادت جناحها
تكسر
أشعل سيجارة
أطفئها
ثمّ أشعل أخرى
آخذ نفسا
أنفث دخانا
يتراقص أمامي
فتتراأى في ثناياه
تثنّي غصنك الأسمر
يصّاعد
ثمّ يتلاشي
فتنزل على خدّي
قطرات تمطر
تبلّل ذقنا
أهملت حلاقته
بين سطور سوّدْتُها
أيّاما على
أوراق دفتر
أقسم آخر رشفة
إلى رشفتين
و أغمض عينيّ
أهيم
أبحث بين
أنقاض حبّك
عن رسالة
مكتوبة من ندى
ثغرك
على قطعة سكّر
فلا أعثر !
يتسلّل
طيفك
من تحت الرّكام
ينساب رقراقا
طيّبَ نفسي
لطيف القِوَام
فيذوب على لساني
أتمطّق
فما أحلى طعم
القهوة
بلا سكّر!
--(جمال الطرودي/تونس)--
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع