هلْ أنا الأغنية أمِ الأحجية ؟ ......
على الطّاولة أوراق ، ممحاة وقلم . عدّة المُسافر يتهيّأ .
تحت الطّاولة قطّة مُدلّلّة تلاعبُ شعاع الشّمس المُتسلّل من خرم النّافذة .
على الكرسي أنا أجلس أو الأصحّ أتَكوَّم ، أجاهد يدي المنقبضة عن الورق والقلم ، السّارحة في متاهة الجمود والقعود ، ترهقها تيّارات الخذلان والجحود .
شعاع الشّمس يحسن التّسديد ، بارع هو في الصيّد يلوّن الأشياء على هواه ، يضخّها ما يريد . حركة تشاكس القطّة فتُغريني ، يدي المتيبّسة تُصيبها العدوى ، تَخِزُني ، بالعدوى ترميني . يدي تستقبل جحافل النّمل ، تثمل . رعشة ، رجفة وانتفاضة ودمي المُتجمّد في قنوات الملل يتحلّل من الرّكود ، يفور ، يسري الهوينى . ساقية طالها الدّفء ففتحت شريانها للشّمس، للنّور ، للحركة .
يدي تُسقطُ قوقعة البهتة ، تستعيدُ القدرة على اللّمس ، تمسحُ على ظهر القطّة ، ترصّفُ الأوراق المُبعثرة، تفتكُّها من باحة الإهمال .
أنا أعودُ من غياب لا إرادي ، غفوة الملل والجمود أو سجن الحيرة ، إحساس موت مؤقّت تدحرُه رفّة الحياة في شعاع ، في قطّة وقلم. هبّة النّائم يستردُّ وعيه والصّوتُ في عمق العمق يردّدُ أغنية ، أحجية ، يُهامسني : هيّا معي ، مع القطّة والقلم . العلم نور ، اللّعب هواية وأنتِ ِ هيّا قولي : نعم . نعم .. نعم ماذا؟ هلْ أنا الأغنية أمِ الأحجية أمْ كلاهما في لُغزِ قُمْ .. قُمْ إلى الفعال ، تَهيّاْ للنّزال ، تَمَاهَ مع الشّعاع وانسَ السّقم.
بين الغفوة والصّحوة تُدغدغُني القطّة بذيلها الجميل ، يُعاندها الشّعاع و ينساب تحت قدميّ لُجّة أمّا يدي فتهزّها بهجة الاستفاقة وتسرحُ في مرابع الورق تحصدُ الأضواء أغمارًا.
تونس .....4 1/ 11 / 2020
بقلمي ...جميلة بلطي عطوي
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع