أرضك هي عرضك
(مشهد مسرحي)
.
[الطفل و باباه، وقت الضّحى، قاعدين في الخط الشرقي للحوش، تحت نخلة الزقاق اللّي تلوّح على البرّاني.]
.
- صباح الخير أُبَّى!
- صباح الخير، أقعد.
-[ الطفل قعد ساكتا]
- [ الأب متمرفق] هِلّا ها طفل! ما سمعت شي على طرمبة و بدون آشكون ربح؟
- يا بابا. راهو ترمب و بايدن ماهوش طرمبة و بدون.
- نعرفك مازلت غشّير. تي ماهو واحد يمصّ و لوخر يعبّي بنزين.
- وش يمصّ؟
- يمصّ في بزّول أمّك؟ آي نعل بوك. كان ك تنطّقنا.
- يمّة، الله يرحمها!
- الله يرحمها و ينعّمها [ باسطا كفّيه]! حاجة وحدة مانيش مسامحها فيها.
- اشنيّة هي؟
- أنّها خلّت لي بغل. ما يعرفش يفرّق بين أمّه و يمّاه.
- معنتها أنا بغل! يمّة فرس من كرام الخيول العربية الأصيلة. أوّل مرّة نسمعك غلّبتها على روحك .
- ثور! تقعّد من هنا آي نعلبو الفيّة. ما شاطر كان في الكلام. برّة شوف خدمة تنفعك. قاعد لاصق وجهي النهار بطوله.
- بربّي فكّنا من ها الغنّاية. برّ شوف صنعة. برّ فتّش على خدمة. درت عليهم الكل. اللّي نورّيله شهادتي يقلّي برّ روّح ماعندناش اختصاصك. و الباهي فيهم يقلّي نهار اللي نحتاجو لك تو نبعثو لك .
- ياخة واش قريت؟ حتى ما قدّ حتى أوتيل يخدّمك في البلاد. ما قتليش باش نقرأ في السياحة بعد ما هزّيت الباك؟
- صحيح قريت سياحة في الجامعة. و تخرّجت في اختصاص سياحة فضائية.
- فسّرلي، ما فهمتش!
- هذيّة شعبة عملتها الدولة للّي يحبّوا يخدموا في السمّاء.
- هاااه! في السماء!
- باهي ما نطوّلش عليك. حسب التقسيم العالمي المستقبلي للعمل في القرن هذا.اللي هو أغلب الوظائف فيه باش تنتقل إلى الفضاء. أعطوا لتونس في الخدمات السياحية الفضائيّة.
- ما تقلّيش أنّه الأرواح ك تجي طالعة تولّي تعمل ترتيحة غادي.
-[يتبسّم ، كاتما الضحكة ] لا يا بابا ، الفنادق هذه للحيّين. فنادق يبنوها في الفضاء تدور حول الأرض كما القمر الصناعي. للسواح اللّي يحبّوا يطلعوا للسماء.
- ما عحبهم حتى شي في القاعة طلعوا إلى فوق. يطلّع أرواحهم ! كون صبروا شويّة راهم طلعوا بلاش في سفينة عزرائيل.
- يا بابا، بعد عمر طويل ،المركبة هاذيكه الناس الكل باش يركبوا فيها. أمّا الأوتيل اللّي نحكيلك عليه للّي عندهم برشة فلوس. و يحبّوا يتمتّعوا بيها قبل السفرة الأخيرة.
- قلّي، للّي ما عندهم ما يعملوا بيها الفلوس. آك الجماعة اللي ما تعرف طرف خلاهم وين.
- واش بيه الواحد يطلع يعمل حواسة في القمرة و إلّا حتى في المريخ! ولاش الفلوس ك مانشيخوش بيها؟
- لقيت باش تاكل حتى باش تفتّش على الشيخات. "بيضاته في الكانون و يفتّش على الطريدة". أيّه جنّيتوا انتم شباب توّه و لحكومة متاعنا. خبزتكم واحلة فيها و أنتم طامعين في رشفة قهوة في السماء.
- حتى الحلم ما عادش بلاش!
[يغنّي]"ليه مانحلمشي، ليه ما نحلمشي
وإن طال علينا الليل
نقلّو ماينامشي، نقلّو ماينامشي"
- هاو صوتك سمح، خير من صوت هاني شاكر! كون تبّعت المزود و إلّا الكورة راك لابأس عليك. هِيهْ! [ اعتدل في جلسته] و توّة شنوّة الحل ؟
ع تقعد هكّاكة!
- هانه نستنّوا في الانتخابات الأمريكية. ثمّش ما تتفرهد شويّه بعدها الأمور.
- ما تفرهدتش بعد انتخابات تونس![تنهّد] باش تتفرهد بعد انتخابات أمريكا[حركة خفيفة بيده ناصبا أصبعه الوسطى] . واش جابهم لينا الأمريكان؟ بيناتنا و بيناتهم برور و بحور و ماهمش حتى من الملّة.
- اسمع بابا! [يغنّي]
القريب منّك بعيد والبعيد عنّك قريب
كل ده وقلبي اللّي حبّك لسّه بِيسمّيك حبيب
-[يتمايل الأب مع الكلمات، و يعلّق ] هاو الفن الأصيل! غناء نجاة الصغيرة و ألحان محمد عبدالوهاب و كلمات حسين السيد [يصمت]. تَوْ ع تولّيلي فناّن ولّا وِشِّي؟و ين نكلّمك تجيب غُنّاية.
آشنيّة غنّايتك؟...حكايتك؟
- [يبقى ساكتا و يتكلّم دفعة واحدة] بابا عندي وحدة أمريكانيّة!صاحبتي هي، وآكهو! كل ليلة نسهر معاها! هي في دارهم و أنا في حوشنا.
- [ ردّد بصوت تصاعدي] باهي !باهيي! باااهيي ! تسهر معاها ! قتلي تسهر معاها؟ خير من اللّي تسهر مع بنت الجيران! أمّالة هي اللّي معاك للصبح؟ برّه ،برّه برّاه !، وقت اللي نثور باش نصلّي نشوف ضوّك شاعل. نقول ولدي هاديه ربّي. و ندعيلك، ربّي يكثّر من أمثاله في شبابنا. يظهر لي ربّي استجاب لي!
- ورأسك بابا ما ثمّة شي! تحكي لي على الديمقراطية اللّي عندهم و على الانتخابات كيفاش تصير عندهم. و آكهو!
- هيه كيفاش؟ نوّرني حتى أنا، و آكهو!
- في أمريكا القانون فوق الجميع. و أكبر جريمة عندهم التّهرّب من الضّرايب .
- جاب ربّي ما جيتش أمريكاني و كانش راني فلست و إلّا راني فأر حبس. برّه فكّ علينا من ها المجبد، لا يطيحوا بينا و يعملونّا كما الموظّفين ، يولّوا يقسموا معانا في الشّهرية. ماعادش تقول ها الكلمة في الدّار و لا في المغازة لا يحضروا امّاليها، حاشا ها المحل . كمّل،كمّل.
- تهنّى بابا ما يدوروش بيك، تدقّهم النّعمة اللّي ياكلوا فيها من يديك ، هيه،هيه، هه[ يسلّ ضحكة مكتومة من بين أسنانه]. فك علينا كما قلت . نكمّلو حديثنا على الانتخابات ،وقت ما ينتخبوا ما ينتخبوش الرئيس ينتخبوا اللّي ينتخب الرئيس.
-أمّالة قتلي تعدّوا الليل بطوله تحكوا على الناخبين الكبار!
-ماشو ديمة، أمّا توّة فصل انتخابات . تصوّر ها أبّيْ، الانتخابات عندهم كما طرح الرّامي.
بايدن مازاتله أربعة وراق على المتين و سبعين و يفرش. كعبرها له ترمب دخّلها بعضها. دوّرها لعبة الأصبعين. يحب يسرق جوكير. الجوكير هو ناخب كبير يصوّت عكس ثقة اللّي صوّتوا له ، قانونهم يسمح .
-إيييه! و الجوكير متاعك راقد ! ما شو على بالو. يهنّي في الدول الصديقة والشقيقة. و ماهنّاش روحه. هات الصحيح! ماكش موالف تفيق قبل نصّ النهار.
- بابا تفاهمت أنا و إيّاها على العرس! أمّا شرطت نعيشوا في بلادها. قاعدين نستنّوا باش يربح بايدن و ينحّي قانون ترمب ضد الهجرة من الدول الإسلامية. بديت نحضّر في الفيزا . و ناقص شويّتْ برشة فلوس!
- شويّت برشة فلوس! قدّاش تجي ها شويّت برشة فلوس؟
- خمسين !
- خمسين دينار! قتلي من الأول راني عطيتهم لك.
- خمسين مليون!
- خمسييين مليييوون! واشي واش ع تولّي هاذي . ما تقلّيش عندها قعر كيم كاردشيان! يستاهل من عندي ميات ١ناقة من بيت مال المسلمين.
-[حشم الطفل أوّل مرّة يسمع ابّاه يحكي هكّاكة]
- [تدارك الأب و ليّن صوته] ولدي! سيّب عليك. برّة خوذ بنت عمّك. هاني زين وعين، و لا حياء في الدين شعر و قعر. و "زيتنا في دقيقنا". و مصاريف العرس الكل عليّ أنا.
- بابا تفاهمت أنا و إيّاها. و ما عادش باش نتراجع.! ماعُدتش طايق روحي! وأنا من كرسي إلى كرسي في القهوة نحكّ في كرموصتي. ساعات ندخل حصان يجري على كرشه ،كراع رابعة تكمّل طرح كارطة، باش ندبّر جُغْمَة قهوة من عند القهواجي. نحب نقلب منظري! خلّيني نهجّ! ثمّش ما تِتْعَدَلْ أموري! [ ويقف منتصبا]
- ها وليدي و أنا لمن تخلّيني!!؟
- هاني مرتك و بنتك معاك !
- كان أنا هنت عليك. أنت راك كبدي! [يصدح الراديو الذي بجانب الأب بأغنية نورة الجزائرية و الطفل ينظر إلى الجهة الغربيّة للحوش متحاشيا النظر إلى وجه ابيه ،
يا ربّي سيدي --- وشْ عْملْت أنا لوليدي
ربّيتو بيدي --- و أدّاتو بنت الرّومية
الطفل يشعّل سيجارة . لأوّل مرّة يدخّن أمام والده... يواصل الأب بصوت فيه حشرجة]
- نزيد نكتبلك النّومرو، ملك ليك وحدك، غابة نخل تجيب ستّين مليون في العام! تَمْر دَقْلَة لؤلؤي كهرمان، سبحان الرحمان! مع مناب بنت عمّك من ورث أبّاها نكتبهولها حتى هيّ و نبرّىء ذمّتي قدّام ربّي و خويا الله يرحمه . تعيشوا في خير و نعمة...
وليدي اسمع كلام أبّاك!
" أرضك هي عرضك!".
.
-[الطفل هز روحه و مرق.]
.
(جمال الطرودي/نفطة)
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع