عصيدة الزقوقو
رخامة على قبر جماعي عثر عليها كائن سماوي اكتشف الأرض سنة 1575هجري الموافق ل2150 مسيحي
فكّك شيفرتها بالكتابة الكونيّة و قرأ:
سنة 1441 هجري الموافق ل2020م تفشّى وباء كورونا في الأرض.
أصابت الناس السّنين. فخمدت السيارة و جثمت الطيارة و سكن الفلك في البحر و ضاق العيش في البرّ.
جفّ الزّرع و هلك الضّرع. و عمّ الخراب المدن و الأمصار حتى أكل الناس الجيف و الجثث في الشوارع و صارت الحفنة من الحنطة بألف دينار. فهام الخلق كالوحش في البراري و الغابات، ورعَوا العشب كالأنعام و سلخوا السحالي و شوّطوا الفئران و من ثمر الشجر اتّخذوا مرطّبا كأنّه عصيدة الزقوقو"
جعل الكائن السماوي يبحث عن وصفة عصيدة الزقوقو فلم يعثر على كائن بشريّ ليسأله، حتى وصل إلى أرض كان يُقال لها في ما مضى تونس. يسكنها خلق يشبه الإنسان. تكلّموا معه بلغة الإشارة فلم يفهم منهم عبارة. صوّب نحوهم مسدّس اللّيزر وأخذ منهم الخبر كما تؤخذ على المقياس الحرارة. و علم أنّ وصفة عصيدة الزقوقو مخبّأة في مغارة، بين جبال مقعد و خمير، علامتها شجرة من شجر الصنوبر الحلبي تظهر على هيئة ربّة بيت تونسية أمام الموقد تحرّك القدر بعصّاد من خشب الأبنوس.
طار السماوي حتى سمع صوت نقّار الخشب. و لم يطل بحثه حتى و قع على الشجرة المنشودة.
لمّا نزل و جد عجوزا تحتها تطبخ الشاي. لمّا اقترب منها عرفته : "يعطيك نعوشة ها التوهامي ولد زعيرة. واش بيك لابس كيما التبّيب؟ يا خا جاي تسرق في الزقوقو يا ولد بعيرة ؟ قلت ليّا من الأوّل. هاني مازالت صْحيفة عصيدةة تحت القصعة داسّتها لجدّك . مادامه مازال ما جاش من الأرض. كولها أنت. نعرفك طمّاع كِ الشّناتة الكل. تموتوا على حويجة الجدّاية"
تساءل الكائن السماوي بينه و بين نفسه : "يعطيها أخذة! كيفاش عرفتني؟ و نايا درت الكواكب الكل، و لا طلّعني منهم واحد. تي برّة نشوفو عصيدة الزقوقو هاذي و من بعّد يعمل ربّي" .
كشف عن العصيدة الغطاء فوجدها مزيّنة بجميع أنواع الفواكه. لها منظر يسرّ الناظرين فظنّ أنّه وقع على الجنّة التى يتحدّثون عنها في كوكبته، و أنّ التي أمامه حوريّة من حواري النّعيم تشكّلت له على صورة جدّته. فازدرد الصحفة في لحظة رغم أنه ليس للتوهامي ولد زعيرة بْعيرة فم و لا أذن و لا خشم إلا انه شفط كلّ ما فيها من معلومات يذهنه حوّلها إلى مستندات رقمية خزّنها في ذاكرته ثمّ باض بيضة من حجر نفيس لا يوجد مثله إلّا في كوكب واحد خارج مجرّة درب التبّانة و غادر المجرّة في لمح البصر، حاملا عصيدة الزقوقو إلى أهله.
(جمال الطرودي / تونس)
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع