سلام للراحلين في غفلة من حبرهم - عمار فوزي

الراحلين من كمالٍ الى الكمال

سلام لمن استأذن الأرضَ نوماً عميقاً وقال: أنا متعب جداً من سعادتي

نعم.....
أنا متعب جداً من سعادتي....
فنحن في بلاد لا يُقرَأ فيها الشعرُ إلا حين يُطعَم شاعرُه كأسَ الموت
وها أنا أيضاً متعب جداً من سعادتي
لم أجد مدرسة أنقى من مدرستي...
دخلت كلَ فصولِها...
وكنت عمداً أرسب كي أتعلم أكثر فن التقاط الصور : نورسٌ متكئٌ على جناحه يتخيل الموجَ سمكا
يا...........ياقوم.....
كنت على وشك أن أشيّدَ قريةً للنبيذ وأرفع الدوالي شارة للقادمين صوب الحكايات وما ملك حبري من فلسفة ونضج وخطايا وروايات..
وهاقد أبطأ الموت حلمي هل من صديق مخلص يرافقني الى غربتي ؟
هل من طريق مختصرٍ ؟
وهل من خمارةٍ جميلة كالتي كنت أرتادها/الكون ؟
وهل من كرسي على جادة باريس لأقرأَ أخبار اليوم ؟
أنا متعب جداً من سعادتي...
جهزي لي حقيبةَ شعري
أملؤها هدايا للرحَّل الموتَى
فهم منذ وقت نائمون بلا خمرِِ
جهزي لي أوراقَ التَبغِ سنلفها بالأكفان
جهزي لي الكثير من الألحان
فلي مايكفي من الكلام الذي لم يُقَل
لأشدو بأغاني الفقد
جهزي لي كأسا أخيرة
أرفعها على نخب زرقة البحر/عينيك.
فأنا منذ وقت أسبح دون علم في عينيك
ورفقا جميلاً بالأصدقاء وأحبابي
لا تخبري نصف الأرض : لي شعب مهاجر هش الأقدام ماعاد قادراً على شرب ذاك الملح الأبيضِ المتوسطِ
ولا تفشي كتبي لليسار
فقد أكلتْ تلك الخطابات صدقَ معاولنا
ولا تطعمي حبري من جهة اليمين قد يشكك الحبر في دمي فأعود لأحرره من دمي...
وأنا متعب جداً من سعادتي

أنا لم أخن...ولم أخنك
أنا لم أكذب...ولم أكذب عليك
فليكن....
إن كان قلبك يتسع لقلبي
ماذا سيجني الموت
بعض عظام ليطعم سيده
فللأرض أيضاً حصةٌ
لأعود غداً عشبةََ
تتسلق نافذة البيت سأراك وأنت تغتسلين شوقاً
ما أجملك !
خدك الممزوج بالملح حين أسقط دمعتين على وسائدنا خاط كل فساتينك التي مزقتِها
فأنت أنيقة جداً مذ علمتِني مزج الألوان بالقبلات .

ها أنا أرتدي " برنصي" الأبيض
سأجعل لي فتحتين لأنفي
وفتحةً لفمي
ربما ترشدني الحواس لعطرك وأنت ترتلين قميصي على هذا اللوح الرخامي

لم أكن شاهداً على رداءة هذا الوقت
كنت جنيناً سابحاً في الأزرق لون البحر/عينيك
أجهز مربضاً للفرس وعشاً للحمام
استأذنك الآن نوماً عميقاً
فأنا متعب جداً من سعادتي

#آل عمار