حصري على
الاتحاد الدولي للمثقفين العرب
قراءات نقدية ابداعية
في
ثنائة ثقافة الذات والابداع
من ابعاد نفسية فيسولوجية فردية وجتماعية
رحلة مع قصيدة
متاهات النفس
للأديبة والشاعرة المصرية / هدى عز الدين
أ.د. نبيل العريقي
فيا ترى من هي الاديبة الشاعرة/ هدى عز الدين محمد
هي شاعرة مصرية
من مواليد الاسكندرية
ولدت في بيت محافظ تسيطر عليه التقاليد والعادات والشهامة والكرم
ونشأت وتربت فيه ونهلت منه العلم والادب وقيم الدين والأخلاق والعادات والتقاليد السائدة عند العائلات المحافظة المصرية
تتالف أسرتها من ثمانية أفراد
ومنزلها حديث تم بناءه باسلوب هندسي معماري يجمع بين الحداثة والمعاصرة صممت غرفه واجزاؤه لتتوافق وضرورات النظام الاجتماعي والجو العائلي السائد في مصر الكنانة
ومع هذا الجو العائلي استطاعت شاعرتنا واديبتنا ان تنهل العلم والادب بفضل تشجيع افراد الاسرة لها --
ومن الصور المثيرة في البيت / المناقشة في سلبيات المجتمع وآثارها ودراسة البدائل المتاحة
وعن أفراد الأسرة
رب الاسرة مرهف الاحساس كان شديد الاهتمام بابنته المبتدئه في الكتابة الجميلة في الشعر ويشجعها على الاستمرار في الكتابة
وطفولة الشاعرة كانت حافلة بالحب والعطاء من الابوين وكل افراد العائلة فكان ابويها يهتمون بها وخاصة بحالتها الصحية
شعورها العام للشاعرة احساس مرهف جدا تتاثر بكل مايحدث حولها فتتفاعل مع كل حدث احتماعي ووطني برد فعل يتناسب مع نوع الحدث وهذا ماكان يقلق عائلتها عليها دائما
وعن تحصيلها العلمي/ شهادة التجارة والمحاسبة
موقف الأسرة ا: ككل الأسر في المجتمع الشرقي
زرع حب الوطن والمجتمع في قلبها منذ الصباؤ
ومن المؤثرات السلبية التي أثرت في نفسية الشاعرة : انزعاج أحد الأخوة من كتابات الشاعرة
لانها منبع إحساس للجمال المنحاز لثقافة انسانية الانسان
ولان الشاعرة تعاني من مرض القلب اشتد المعارضة لها في كتابة الشعر وزدادت المعارضة حدة بعد موت إحدى صديقاتها بنفس المرض
بداية احترافها لكتابة الشعر :
بدأت الشاعرة كتابة الشعر منذ الصغر متاثرة بموهبتها وبمن حولها الذين كانت تقرأ لهم من خلال المكتبة المنزلية للاسرة
تكشف قصيدة 《 متاهات النفس 》للأديبة والشاعرة المصرية هدى عز الدين أننا أمام امرأة تحب بكل ذرات كيانها، وبكل حدائق حواسها، وأنها غارقة في صناعة ذاتها الشعرية وعاشقة للابداع، لتغرق معها قارئها في بحار هذا العشق المجنون.
قد يكون عشقها للابداع ناتح عن معاناتها وحالته النفسية، ولكنها في جميع الأحوال مؤهلة للتالق في سماء الابداع الفني والادبي فمن تتنفس ثياب حروفها كل صباح وتقبل أطرافه كل مساء
وهذا حالها مع من لا يملك شيئا يقدمه لها سوى دلالات الفاظ وجدانية لمتاهات النفس المستنسخة من واقع حياتها في هذا العشق المجنون
فماذا تمتلك شاعرتنا بعد ذلك لكي تقدم لربها سوى أعلى درجات العشق؟ ومن يملك كل هذه التداعيات المتواترة والمتوترة من الأفعال سواء الماضية أو المضارعة يكون في أعنف حالات الابتهال للخروج من أوجاعها المتجذرة في ربيع قلبها المريض
إن هذا التدفق السريع والعنيف للأفعال الماضية يخلق موسيقى شعرية متوترة خلاف موسيقى تفعيلات الخليل بن أحمد الفراهيدي، هل هو ما يعرف بالنبر؟ أم هو ما يعرف بموسيقى الحروف وجرسها؟ أم أن مصدر هذه الموسيقى أو هذا الإيقاع هو تاء الغائب تاهت المشار اليه في استهلال النص وما تبع ذلك من افعال
هذا التدفق أو هذا الشلال من الأفعال يمنح السخونة والحرارة لجسد القصيدة، وينتج عنه صورة شعرية عبقرية تقول فيها الشاعرة:
متاهة النفس
تاهت الخيبات فى متاهة البشر
الطبيب النفسي معاق بأسلاك كهربائية
بأشلاء نفس ذابت ذوبان الجليد المنصهر.
غرقت النفس وعاش الجنون يصرخ
صدمات للقلب برعشة البدن لدفن السر
جدران المتاهة كصلب الحديد
زرقة لون دم الوريد وعيون أحمرت شر
سكين خلف ظهر المريض لعل المرض عاد
لالا لاتقترب ربما العدوى تغتال من فر
فيزياء وكيمياء من نفاق وكذب وخداع مر
تقرير بأقلام إنجليزية سنرجع به لأيامه الأولى
يوم شهر أو سنه منذ إختنق بحبله السُري
خرج من رحم الأم لظلام قبر أسمه عُمر
هدى عز الدين.
٢٩/اغسطس ٢٠٢٠
مصر
برزت عبقرية الشاعرة في هذا النص من خلال تلاعبها وتوسلها للأفعال الماضية
لتخلق نوعا من التأرجح بين الإقبال والإحجام، وهو ما صرحت به الشاعرة في قولها: تاهت
إن كل فعل من هذه الأفعال يعبر عن حالة خاصة وإيقاع خاص، ويخلق نوعا من الظلال حوله فتتجمع الصور النفسية وتتكسر كالشظايا، أو تنطلق من أسرها اللغوي كالأجنحة المتكسرة، إنها صورة من صور المقاومة النفسية لهذا المعاناة الذي تخاف الشاعرة منه، ولكنها في النهاية تعلن استسلامها، فهي لا تملك سوى الاستسلام لهذا الجنون ليتحقق عكس ما قالته في عنوان قصيدتها متاهات النفس ولتبرهن على أنها قادرة على تجاوز حالتها الصحية بقوة وارادة
وتبدأ رحلة صراعها والوله، فتظهر اصياغتها للنص بما يدل على الرغبة الأكيدة في استمرارية هذه الحالة للتحدي في عنفوان الشدائد ، لذا يعلو صوت الرموز والاشارة ويُهزمان الفعل الماضي في هذه الحالة المتمردة على الاهات والالم، وتتمنى الشاعرة لو أنها التقت هذه القوة والارادة منذ زمن، معلنةً بهذا ندمها الشديد على عدم خوض تلك التجرية من قبل، متساءلةً عن سر ما حعل قلبها يطمئن ان الشدة ستزول
.
لقد اطمأن قلب الشاعرة وكيانها وتفجرت مخيلتها وصورها وألحانها، ولاحظنا تصاعد لغة مشرقة وضيئة متوضأة من الحروف المضيئة، تنهل من نبع اللغة الشاعرية لتمنحها القوة فتنتصر على يأسها وبؤسها
وتاسيسا على ذلك منحت القصيدة متاهات النفس الشاعرة هدة عز الدين السعادة والتحليق في فضاء الحياة ما استطاعت إلى ذك سبيلا
قصيدة فيها العتاب ينمو ويتمدد ويعلو ليمنح الاديبة والشاعرة المصرية هدى مرتبة أقرب إلى خلق ذاتها، وأظن أن هذا النوع من من العتاب سيصل إلى مرتبة حسن الظن بالله وهو الطريق الطبيعي لهذه الطريق التي ذهبت اليها الشاعرة الذي يبدأ من البشر والموجودات ليعلو ويصفو ويصل إلى خالق الموجودات.
بعد أن تمكنت الشاعرة من صياغة قصيدتها وأثبتت أنها قادرةٌ علي تجاوز المالوف من الواقع وقادرة على الشعر وقادرة على لغته وصوره وموسيقاه الخفية غير الخليلية، تتحدث عن المخاطب الغائب، لربما تستطيع استعادت حياتها الطييعية
بعد حياة بائسة ومحزنة، وربما مثل هذه الصور هي التي جعلت الشاعرة تشعر في لحظة ما أنها غير قادرة على العطاء ولا على الحب ولا على العشق، لذا اعتقدتْ أنها غير مؤهلة ان تكون سعيدة خاصة عندما تصحو صباحا على الأنباء المحزنة باستخدام العلاج فيلازمها الاكتئاب ليلا ونهارا بعد أخبارها بهذا المرض الخبيث
ولكنها في تلك الحالة سوف تحتاج إلى المزيد من جرعات التحدي والارادة لخلق حالة من التوازن النفسي، تستطيع من خلالها أن تنتفس الحياة، وتتأكد أن لها هوية وبطاقة ميلاد ووطنا جميلا ومجتمع تعيش فيه
وعليه تتسامى مشاعر الرغبة في الانعتاق والحرية، ولكن كيف يكون هذا الانعتاق والشاعرة متورطة مع قلبها المريض، فتلجاء الى دفء العينين وهمس الشفتين، فالتفاؤل هنا هو أعلى درجات الحرية واليقين.
إن الشاعرة قصدت هنا الوضوح والبساطة الآسرة، بوسيلة شعرية ناجزة، ممثلا بالتدفق اللغوي للأفعال، وقد قادها هذا الوضوح وتلك البساطة
وهذه الصيغة لا تحمل طلبا أو رجاءً أو تمنيا أو حلما، بقدر ما تحمل أمرا. على العكس مما لو جاء هذا الطلب في صيغة " الترجي لنشعر بنوع من الجفوة والتعالي بطريقة لا تتناسب مع مفردات الحلم والوله ذي الصبغة الرومانسية.
من خلال دراستي وجدت ان قصيدة متاهات النفس مليئة بالاحساس الحقيقي والعاطفة الصادقة والمعاني الإنسانية الرقيقة وتعلو على المناسبات وتجسد المعاناة القابضة على روح الشعر
وعلى هذا الأساس ابارك للأديبةوالشاعرة المصرية هدى عز الدين نبوغها وعبقريتها في
صناعة ذاتها الشعرية فحقا انها علامة فارقة في اتجاهات الشعر العربي في مصر الكنانة
اكتفي بهذا القدر والى لقاء اخر يجمعنا مع مبدع من مبدعي الاتحاد الدولي للمثقفين العرب والله الموفق
عرض أقل
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع