لقاء تحت المطر
كانت المطر تتهاطل خيوطا متلاصقة متناغمة وتصدر بنزولها على الأرض نغمات تتراقص لها أغصان الأشّجار، وتستحيل إلى سواقي تجرف الأدران وتسقي جفاف التّربة وتحيي نباتات بدأت في الذّبوا. وبرزت أنت بين تلك الخيوط تسترقين البهاء الّذي أطلّت به الأمطار وتزيّنت به الحدائق والحقول. بظهورك لوّنت الصّورة الرّماديّة بعينيك اللاّمعتين وشفتيك الورديّتين فازدات بهاء وجاذبيّة. واحتفظت سبلات شعرك بقطرات الماء وكأنّك تغتسلين بجمالها لتزيدي من جمالك وتستحوذي عليه كلّه لتأسريها وتجعليها طوع أمرك. حزت عل الفجوات الّتي تركتها خيوط المطر فيما بينها فاستحوذت على كلّ الصّورة وجلبت خاطري وابهرتني فما وجدت من سبيل سوى الإسراع إليك لأفوز ببعض الوقت قربك. لم أشأ أن يتلاشى ما حزته من جمال المنظر فغطيتك بمعطفي ومطريّتي لتلتصق بهما أنفاسك العطرة وأستبقي جمالك تحت غطائهما علّك تذكريني بعد انقشاع السّحب . كان لقاء عابرا تحت المطر لكنّك سكنت بداخلي واندمجت أنفاسك مع أنفاسي ولم تتركي لي مجالا لأنساك أو أنسى جمال الصّورة الّتي أبدعت وأنت تحتمين بي وبمعطفي والّذي بات يحمل اسمك حتّى بعد ما استعدته منك. فهل هو الحبّ من أوّل نظرة تحت المطر؟ أم هو حبّ المطر عندما تكونين أنت مؤثّثه ومصدر جماله؟
رشدي الخميري/ جندوبة / تونس
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع