الحصن
أزاحت عنها رداء نومها و تزيّنت بأجمل ما تملك من ملابس و حليّ لتستقبل يومها و تسعد محبّيها بشكلها الأنيق وروحها المرحة. ألقت التّحيّة و أرفقتها ببسمة تودّد و دعوة للفرح و ملء القلوب بالمحبّة و قبول الآخر. رفعت شعارها عاليا حتى ينتبه له كل من نسي أو أخذته مشاغله. فتحت أبوابها و نوافذها لعلّ روائح عطرها تصل كلّ المحيطين بها فيستنشقون عبيرها فيحبّّونها، ويسمعون صوتها فيستلذّونه ليتخلّصوا من كلّ النّشازات، و بذلك تتربّى آذانهم على الرّفعة و القيم الأصيلة و الأصوات الّتي تجمعهم و لا تفرّقهم رغم اختلافهم ..و يعتاد النّاس على الالتزام بنشر الحبّ مهما كانت مواقعهم و مهما كانت وضعيّاتهم. هذا الالتزام على بساطته هو عميق في تداعياته على النّاس في الشّارع و في تعاملهم مع بعضهم رغم التّشتّت. ان نختلف ليست مدعاة للتّناحر. و أن نترفّع على كلّ ماهو هابط هو في صميم البناء الصّحيح لأيّ تشكّل مجتمعيّ. نعم سنضطرّ أو سيضطرّ البعض منّا أن يقبل مواقف او مسارات على مضض ولكن تلك قوانين لعبة التّشكّل في محيط مع غيرنا. صديقتنا تنادي كلّ من التزم بحبّها و صداقتها أن يجتمعوا حولها بألوانهم المختلفة و أصواتهم المتعدّدة ليكونوا معا تختا يصدح بحبّها و باقة تزيّنها و في الآن نفسه حصنا يصونها و يدفع عنها كلّ ما يجلب لها الحزن وكلّ ما يمسّ بجمال روحها. هذا الالتفاف حولها لا يعني الاصطفاف و التّخندق أو التّخلّي عن رؤانا ومشاريع نراها تصون الحبيبة، بل هو يعني الوقوف مع ما يرفعها و يدفع بها نحو سموّها و رقيّها و الرّدّ على ما يهينها و يجذبها إلى الوراء و التّقهقر. صديقتنا حقيقة بكلّ ما يمكن أن نبذله من أجلها أكنّا قريبين أو بعيدين عنها. حبيبة الجميع لا تدعو أحدا بذاته دون آخر ليكون بجانبها و ليحظى بحبّها، بل تدعو الجميع وتحثّهم على توظيب بيت يكون كلّ واحد من المتحيّزين لها دون سواها لبنة صلبة في رفعه . والبداية تكون بهندسة مخطّط البيت. و هذا المخطّط يقثضي بادئ ذي بدء الاقتراب منها و طمأنتها. نكون في البيت أو خارجه هو لنا جميعا و نتعاقد على ان يكون الأمر كذلك مهما تغيّرت ظروفنا وملابسات حياتنا. نعم ، لن يكون الآت بلا هزّات ولا بعيدا عن التّعقيدات لكنّنا بفضل ما نحمله من انتماء و بقدر ما نؤمن به من وجوب قبول الاختلاف والتّوق نحو بناء صامد سوف نكون حصنا منيعا للبيت أمام كلّ ما يهدّده و سنخلق منه قاعدة نحو التّقدم والتّطور..
رشدي الخميري/ جندوبة / تونس
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع