أقعى بعيداً عن مدخل القبيلة حيث اجتمعت بضعة كلاب تفترس جيفة حمار قيل بأنه قتله خطأً كلب صيد فرنسي استباح زريبة شيخ القبيلة …
تملل الكلب وجال ببصره في المكان نظر إلى ظله فاكتشف أن ذيله غير موجود فقال : عجيب ذيلي غير موجود كيف سأقابل كلاب القبيلة ؟ حاول أن يتذكر كيف فقد ذيله وهل تعرض لحادث صباح اليوم، فأعاد شريط أحداث يومه، ليكتشف أنه كان يهيم في الحقل بحثاً عن خيوط الشمس وأنه طاردها حتى الغرب، وسقط مغشيا عليه من فرط العياء و نام نوماً عميقاً، رأى في حلمه أنه صار ملكاً متربعاً على عرش الكلاب ولسوء حظه أن فترة حكمه القصيرة شهدت انقلاباً عسكريا قادته كلاب هجينة، فقبض عليه وأقتيد لساحة المدينة، ووضع في المقصلة فتلا صديقه المقرب ومستشاره الخاص صك اتهامه قائلا: إن المجلس العسكري قد خلص إلى تثبيت تهمة الخيانة العظمى في حق الملك كلبون وبناء عليه فقد تم الحكم عليه بقطع الذيل ونفيه خارج الزريبة .
استفاق من حلمه على وقع صياح أطفال ربطوا ذيله بوثاق وراحوا يضربونه وكلما حاول الفرار أحكموا الوثاق بأيديهم وتركوا الكلب يعوي من شدة الألم… ففر الكلب أخيراً لكن بدون ذيل، لقد ضاع ذيله فضاع شرفه وفضل مغادرة القبيلة إلى حين أن تقطع ذيول باقي الكلاب.
قرر الكلب أن ينظم حفلة شواء لكلاب القبيلة، فإستعان بكلب منبوذ، يرتاد كل يوم سوقاً أسبوعياً يتدبر فيه قوته بالنبش في مخلفات المجزرة والتسول في المكان المخصص لبيع اللحوم …كان كلباً نحيفاً ذو شخصية ضعيفة لم يستطع فرض شخصيته على مجمع كلاب القبيلة، فإمتهن الخيانة ونقل الأخبار إلى الذئاب والثعالب المتحينة لفرصة إستباحة زريبة القبلية …ورغم أنهم كانوا يتعاملون معه باستعلاء وإذلال إلا أنه كان يجد سعادته في دور الجاسوس الخائن.
نقل الجاسوس إلى شيخ قبيلة الكلاب رسالة الولي الصالح كلبون الذي انتذب مكاناً قصياً وبنى رباطه، وجاء في الرسالة أن الولي يدعو جميع الكلاب إلى حفلة شواء، وأنه سيحقق أحلامهم المستعصية، ويمنحهم بركته لتصحبهم أينما حلّوا وإرتحلوا…
تعجب شيخ القبيلة من مضمون الرسالة، ودعا إلى إجتماع مجمع الكلاب، وتمت محاصرة الكلب الجاسوس بعدة أسئل، من يكون الولي الصالح وما شكله وطباعه…؟
كان الكلب المنبوذ يكتفي بنفس الجواب لا أعلم، لم تنم القبيلة تلك الليلة، وعاش أفرادها أحلام اليقظة، وأسر كل كلب منهم أمنيته وحلمه لعل الولي الصالح يحققها له …
في الصباح الباكر غادرت الكلاب القبيلة، وتجمعت حول كوخ مهجور تنتظر خروج الولي الصالح الذي ظهر لهم بصحبة الكلب المنبوذ، وقد غطى وجهه برداء أخضر. وسار بهم إلى منبع الماء حيث وجدوا طاولة من الشواء، فراحوا يلتهمونها بشره قبل أن يصعد الولي الصالح فوق صخرة ملساء، وشرع في إلقاء خطبته داعياً الكلاب إلى عرض أحلامها ليحققها لها، فأجمعت الكلاب على رغبتها في تحقيق حلمها القديم بأن تصير بشراً.
أخرج الولي الصالح قنينة إكسير الأحلام وشرع في خلطها بالماء، فاقبلت الكلاب على شربه متدافعة، كل واحد يريد أن يحقق حلمه أولاً، دقائق بعدها كانت كل الكلاب تغط في نوم عميق، والكلب المقطوع الذيل يقف منتصباً وقهقهته ملأت الوادي.
أخرج من حقيبته سكيناً كبيراً، وقطع بها ذيول الكلاب قبل أن يتظاهر هو الآخر بالنوم قربهم. استيقظت الكلاب من نومها لتكتشف بأن أذيالها قطعت.
عزالدين الزريويل
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع