( لن نتركك !! )
كنتُ أحلم أنّني ربّان السّفينة .. و قد واجهت أصعب المغامرات البحريّة .. هيّا يا رجال .. فلنُبْحِر سَويّاً .. و لْيقمْ كلّ ب دوره .. فالبحر كلّه أسرار .. و علينا إكمال اكتشافها .. و في احدى المرات كنت متعباً قليلاً لكنني شعرت أن شيئاً ما يسحبني للابحار .. حسناً سنتناول غداءنا .. و نبتُّ بأمورنا .. كان مذاق السردين لذيذاً .. مع أنّني لا أستسيغه في الحقيقة .. بعدها ذَهَب كلّ فرد من الأفراد إلى رُكنه .. إلى مهمّته .. كان الجوّ غائماً بعض الشيء .. و بينما كنت أراقب أفراد الطاقم .. كلّ يقوم بعمله .. أطبقَ الصّمت علينا .. التفتُّ خلفي لأرى موجة سوداء مخيفة .. كان منظرها غريب مدهش أحسست بها تلتهم السفينة .. و كنت أشاهد أفراد طاقمي يغرقون واحداً تلو الآخر .. كان السيناريو واضح أمامي .. شعاع أحمر يخرج من داخل الموجة ف يلمس أجسادهم و يخترقها فيصرخون ثم يسحبهم ف يختفي أثرهم .. استمر في ذلك حتى اختفى الطاقم كامل .. بطريقة ما لا أذكرها استطعت الهروب .. ربما تدخّل القدر .. لكنني أذكر صوت جماعي خافت قال لي في أذني : لن نتركك .. استيقظت على طرق الباب .. كان طَرقاً أثار الاستغراب .. كنت عطشانا .. و كان صوتاً قوياً همجياً .. حسناً .. ها قد بدأ يومي الجميل !! .. أو شيئاً من هذا القبيل !! .. و قد ظهر الدليل ! .. قمت فزعاً .. جزعاً .. مسرعاً .. شربت قليلا من الماء .. فَتَحْتُ الباب .. ظهرَ لي بِضعةُ أشخاص أغراب .. شعرت أنهم من فيلم تاريخي قديم .. أحدهم يرتدي ملابس ملوّنة كلها زركشة مرصّعة .. و الآخر ملابسه بيضاء ناصعة .. و ثالثهم كان يرتدي قبّعة سوداء و قميص طويل و تنورة قصيرة مع أنه بهيئة الرجال !! .. و رابعهم يقفز و يقف بسرعة عجيبة و يُصدر ضحكات و أصوات غير مفهومة .. و خامسهم وجهه حزين جداً كأنّه في مجلس عزاء و فَقَدَ كل شيء .. و سادسهم رجل طوييل جدا لكن صوته ك الغراب .. بالاضافة الى شخصين اخرين كانا بملابس مليئة بالتراب .. تحدّثت معهم و الحيرة تعتريني : مَنْ أنتم ؟!! ماذا تريدون ؟! لَم أفعلْ شيئاً .. كنت نائماً فقط .. حسناً لا عليك .. اطمئن نريدك في نزهة قصيرة .. بهدوء مريب أجابني الشخص الذي يقفز .. كانت سيارتهم مميّزة لونها زجاجي شفاف .. كبير حجمها .. سلكوا طريقاً طويلاً لم أعهده من قبل .. تحدّثوا معي عن عملي عن عائلتي عن حياتي .. كنت أشعر أن لكل واحد منهم دور متفق عليه .. ف صاحب الملابس الناصعة البياض كان يحثني على الهدوء و كانت يضحك ضحكة صفراء .. و صاحب الملابس الملوّنة سألني عن ألواني المفضّلة .. عن آخر مرة صنعت فيها سلطة الفاكهة أو الخضار !! و عن نوع الأداة التي كنت أقطع فيها مكونات السلطة .. أما صاحب التنورة فأخبرني أنه عضو في فرقة موسيقية اسكتلندية قديمة و يشارك كثيرا في حفلات تنكرية و أنه يعيش منذ مئات السنين !! شعرت بالخوف و خفقان شديد في قلبي .. أيعقل هذا ؟! هكذا قلت في عقلي .. أما صاحب القفزات أخبرني أنه كان لديه سيرك كبير قديم لكنه احترق و بقي هو على قفزاته دون توقف .. حتى جاء خامسهم و أخبرني أنه حزين جدا دون سبب .. و يكره الضوء و يحب الظلام جدا .. و عندما جاء دور السادس استمر بالنعيق ك الغراب مع تلميح بالاشارات لكنني لم أفهم منه شيئا .. و بعدهم جاء دور محبي الرمل و التراب ! .. هكذا كان يطلق عليهما مع سعادة كبيرة .. أعطوني كوباً يحتوي يحتوي على سائل أزرق .. و طلبوا مني أن أشربه .. ف خفت كثيرا .. لكنهم قالوا انه مهدئ للأعصاب .. ف شربت قليلا منه .. كان غريب المذاق لكنه لذيذ .. بعدها شعرت أنني في دوامة كبيرة .. و ما ان خرجت حتى وجدت نفس الأشخاص معي في مركبة كبيرة .. غريبة جدا .. تشبه المدرجات القديمة .. و بصوت واحد قالوا : ألم نخبرك بأننا لن نتركك ؟!! عندها أحسست بالقشعريرة و كثير من الخوف و الحيرة .. ازددت تعرقاً .. هل ما زلت أحلم ؟! هل أنا في الحقيقة ؟! هل هذه أحلام يقظة ؟! ألم أستيقظ ؟! ألم أشرب قليلاً من الماء ؟! أحسست بصعوبة في الحركة .. كأنني تجمّدت .. حبال غليظة تحيط بي .. و أدوات حادة تلتصق ب عنقي و أطرافي .. اصطفوا في طابور منظم متتابعين .. صاحب الملابس الناصعة البياض أخبرني أنه شخص هادئ جداً يكره الضجيج و سيريحني من ضجيج الحياة الى هدوء الموت !! مع نفس الضحكة الصفراء .. أما صاحب الملابس الملونة أخبرني أنه يستمتع بالطلاء و الألوان و سيحرص على طلاء جثتي بألوان جميلة .. نعم جثتي !! .. جاء صاحب القفزات و طلب مني أن أقفز معه قفزة الموت .. و أن أقول مع كل قفزة : الموت أجمل !! .. جاء الشخص الحزين جدا و أخبرني أنه سيأتي ويقوم بواجب المشاركة في مجلس عزائي بعد موتي !! .. أحسست ب اقتراب الغيبوبة .. جاء صاحب الفرقة الموسيقية و أخبرني أنه يريد تأليف أغنية تساعدني على الموت ب ارتياح .. و طلب مني مشاركته في تأديتها .. أتتكلم من كل عقلك ؟!! هكذا أجبته .. حتى جاء الشخص السادس صاحب النعيق .. ف فهمت أنه سيرشد الجميع عن مكاني بعد موتي ب نعيقه الشادي !! و بعدها جاء محبّا الرمل و التراب و قالا إنهما سيحفران لي أجمل قبر مطلّ على البساتين والورود !! شكرا لكما على هذه اللفتة !! مع اقترابهم مني أحسست ب صداع شديد مع ضيق في التنفس .. و أخر شيء سمعته هو ضحكات الاشخاص المليئة بالرعب .. و اذا بي أشعر بضربة في الرأس مع صراخ في أذني .. أنت . أنت هيّا استيقظ .. هيا استعد لرحلتك البحرية الأولى ! عندها عرفت أنه قائدي و مدربي في البحرية .. و بعدها تجهّزت للإبحار .. و قبل أن أتحرك بسفينتي .. شاهدت بجانبي على سفينة كبيرة عدة أشخاص بملابس غريبة .. دقّقت النظر جيدا ف وجدت أحدهم بملابس بيضاء ناصعة و ضحكته صفراء مستفزة و الآخر ملابسه ملونه و الثالث كان يبكي و الرابع كأنّه عضو في فرقة معه آلة الكمان . و الخامس كان يقفز كثيراً و السادس يصدر أصواتاً غريبة و آخرين اثنين بملابس مليئة بالتراب .. و كانوا جميعاً يشيرون و يسلّمون .. !!
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع