لن تستمرّي حزينة - رشدي الخميري

تجلسين على حافة الفقر و البؤس و تلبسين من حقائب الشّهداء بعد أن قضوا نحبهم بخنجر الغدر وتستحضرين حكاياتهم و صورهم من ذاكرة النّسيان الّتي أودعت فيها أرقام و بيانات و تسلّت بها الفئران في المكاتب ونسجت عليها العناكب خيوطا ترقّع ما تلف منها . يا زهرة مالت إلى الذّبول تأبى القبلة إلاّ أن ترتسم على خدّك لتذكّرك دائما أنّك لست في طيّ النّسيان ولست من المخطوطات العتيقة الّتي تودع في المتاحف ليقتطع الزّوّار تذكرة لكي يحظوا بصور تذكاريّة معها. أنت لست هامشا تتعبّأ به فراغات مجلاّت و جرائد. أنت حياة جديدة تنتظر هذه البراري والفضاءات المتروكة ونبض بدونه ليس للحياة معنى. تحلمين و في عينيك دمعة و حيرة و غيمة استياء والحال أنّك أنت الحلم المنتظر..أنت قصّة ستروى على مرّ الزّمن كيف لا و أنت تلوّنين ما عتّمته أيادي الغدر. وكيف لا و أنت أيقونة لمعنى التّحدي و الثّبات على العهد بالرّغم من التّقاعس المحيط بك و من تهميش روضتك. سيتحدّث القاصي و الدّاني عن صمودك وتواصلك رغم غياب السّند و خذلان أهلك و أصحاب الموارد و المدد. صنعت المعجزة ببقائك على قيد الحياة رغم المكائد و الحيل الّتي طوّقتك، وخلعت اللّباس الأسود رغم حزنك و الأسى على فقدك للقريب و للحبيب و من له عليك فضل أو لك عليه فضل فهما سيان في قلبك. أيّتها الحبيبة لا تقلقي ستعمّرين ما حولك من فضاء قد خلا و ستجمعين الأحبّة و يقف الرّجال و النّساء في هبّة لا تهونين بعدها أبدا. دمعتك و دماء أحبّتك روت أرضك وسمحت لكلّ بذرة حبّ فيك ان تينع..و صراخ الثّكالى و اليتامى من حولك أيقظ النّاعسين و من بهم كسل وصدى الصّوت تعالى . حافظت على خضرتك و ألوانك الزّاهية رغم السّحب والألوان المبتدعة و ها هي صورتك تعود و حلمك المرتجى بدأ يجد طريقه ليتحقّق. ستهنئين بمواليد جدد يعوّضون من رحلوا من أحبابك و الأقرباء. بلدي يا حبيبة ستنعمين بقبل الأحبّة من جديد و يأتيك الأوفياء في عشقهم و تنسين حزنك و الأسى..فداك العمر و النّفس الّذي أعطيتنا..