زبيدة
"زبيدة" ناضلت كثيرا ولا يعلم بحالها ألا القليل .ذاقت "المُرّار" وتجرّعته كوؤسا منذ صباها كانت تحلم أن تكون غير الصّبايا .
فكانت تبذل قصارى جهدها أن تكون أجمل البنات وأحلاهُن في "قرية أولاد سيدي الشّامخ" وفي المدرسة التي يديرها سي محمود زوج" القاورية مدام ماري" .
تغتسل كأحسن ما يكون بالصّابون الأخضر بالصّابون "الممسك "بالشمبوان بغيره . المهم أنها تغتسل لعلها " تبياض" قليلا . وتمشّط شعرها بالمشط العود أو "بالفلاية قرن" بعد أن تضمّخه بزيت الزّيتونة المعتّق بعود القرنفل ولكن" شيء" شعرها الأحرش وأنفها الأفطس وبشرتها السّمراء لا ينفع معهم شيء .
لا ماء دافئ ، ولا حمام سخون ، حتى الفستان الذّي حرصت أن تشري مثله بما جمعته من بيض و ماربّته من فراريج الدّجاج" لم يواتيها" كما كان فستان "جكلين" البنت الفرنسية التي تدرس معها في المدرسة .
فستان "جاكلين " زادها جمالا على جمال ، بشعرها الحريري النّاعم ،وعينيها العشبيتين وبشرتها" الحليبية" اللّون ، وضحكتها السّاحرة .
لم تكن" زبيدة" تغار منها لكنّها تريد أن تكون مثلها في أناقتها . و في أفواه أهالي القريه فكثيرا ما كانت تسمعهم يعلقون "ملا فرس طالعه كيف أمها "
كانت هذه العبارة تحزّ في نفسها فـ"زبيدة" يتيمة الأم . ماتت وهي تنجبها ولا تعرف لها أوصافا ، لعلّها" دغماء " مثلها لكن، والدها " قدّور"كان كثيرا ما يقول لها" طالعة لبّه كيف أمك ".
كانت "زبيدة " تتساءل بين الحين والأخر عندما تكون أمام المرآة خاصة
أيهما "أفضل اللّبة أم الفرس؟ " فهي لم تر" لبّة" في حياتها لكن" الفرس" تدرس معها وتعرف أمها بل إنها وزعت عليهم مع بقية التّلاميذ قطعا من المرطبات أعدّتها بنفسها وكانت تتباهى بذلك "ساي موا كي لا بريبري " كانت "زبيدة "تقلّد "مدام ماري" في تهكّم .
وتختم المشهد "السّخط حتّى البكية مشي كيفنا " لقد شاهدتها تبكي من أجل جروتها "دودي" التّي وضع لها " بلقاسم عَوْ" "داوء الفار" في مشرب الماء
يتبع .... نصر العماري
زبيدة 2
"كلَبْ يضربها تبكي على كلبْه ... تي نحنا مابكيناش على أشكون يعرف اللّى يقلك كلاب بالفم والملاء
Oh Ma petite.... Ma petite من قلّة الكلاب تهبط فيهم حيار: أه ما بتيت ما بتيت
" تقولش بنتها"
كان ذلك يجول بخاطر" زبيدة" فلم تصرّح به لكنّها لامت "بلقاسم " على تصرّفه فقد قالت له بصريح العبارة "مالك ومال الجروة " .... ورجته " دبّرلي جرو وإلا جروة كيفها "
فقهقه "بلقاسم " عاليا وداعب" زبيدة " يريد إخافتها محدثا صوت عوْ .... عوْ ...
وهو الصّوت الذي اشتهر به كلّما أراد أن يعلن عن وجوده أو يحد ث" فجعة" حين يأتي على حين غفلة .فالتصق به الصّوت . وكنّاه به أصحابه "بلقاسم عَوْ"
كان "بلقاسم عَوْ " ينتشي ويقهقه عاليا حين يتسلّل للجموع ويحدث لهم "فجعة باهية " .
و لئن فشل "بلقاسم عَوْ" في تسميم جروة "مدام ماري" فإنّه لم يفشل في تدبير "جروا لزبيدة "
التّي وحدها تعلم أنه من يدبّر لـ "دودي" يريد أن يتقتله
لكن زبيدة لم ترض به ... وعلقت" جايب هولي أدغم ... مانحبوش.... مانخذوش "
فرد عليها "بلقاسم عَوْ" "اذاكه اللّي لقيت".
"نحبّو أبيض " قالت له
فردّ عليها ما زحا منين نجيبو ؟ تخذ نيش أنا وتربيني عَوْ عَوْ "
فردّت عليه باسمة" يعطك أكْلَبْ " هزّو عليّ ...أخيّ عندي "سيزيام" السّنا مشني لاهيه بيه ...
أخذه بلقاسم وفكر قليلا لماذا لا يقدّمه" لمدام ماري" ويبعد عنه الشّبهات ..واستغل فرصة انشغال السيد محمود بالمكتب، فتوجه مسرعا حيث كانت تشذّب بعض الورود الجورية في الحديقه ... تقدم نحوها :
Bonjour madame
- بلقاسم : بنجور مدام
Bon soir Belgacem on est le soir-
مدام ماري: بنسواربلقاسم اون ايي لو صوار
Le chien pour toi laisse le avec doudi
- بلقاسم: لو شيان بور توا لاس لو أفاك دودي
Oh merci je ne peux pas
- مدام ماري: اه مرسي جون بو با
Pourquoi ? C’est un bon chien
- بلقاسم : بركوا؟ سى تان بون شيان
Non c’est un joli chiot mais pas une race pure .C’est un chiot arb
i؟ - مدام مري : نون إليي جولي ماي سني ب ان راس بيرسي ان شيو اربي؟
Oui madame , au revoir
- بلقاسم: وي مدام ،ارفوار
Merci Belgacem .c’est joli de ta part
- مدام ماري: مرسي بلقاسم ساي جولى دو تا بار.
وقفل:" بلقاسم "راجعا بينما كانت" زبيدة" تراقبه من بعيد .و ما إن اقترب عائدا حتى أسرعت اليه تستطلع الأمر . ودون ان تسأله أجابها إن "مدام ماري" رفضت قبوله
فردت عليه "زبيدة " ألم أقل لك إنه أدغم إنّها لا تحب هذا اللّون ، "دودي" أبيض .
فنظر إليها في اشمئزاز متمتما "ماتحبش الكلاب العربي" وتساءل وهو يمسح على الجرو "علاه الكلب اللّى عندها مشو عربي " وانصرف لتصريف الجرو.
وتسارعت الأيام فشلت زبيدة في حصولها على" السيزيام" رغم ما بذلته من جهد لكن الحساب هوالذي "طيحها "ورغم ذلك فرحت لمن نجح من أبناء مدرستها على قلّتهم
وحتى وان نجحت فجدّها لأمّها وجدّتها التّي تكفّلت بتربيتها لن يسمحا لها بالذّهاب للمعهد في المدينه أما والدها فقليلا ماتراه في الأعياد أوفي بعض المناسبات
أما "بلقاسم عو" فقد نجح مرّتين ... مرّة في" السيزيام" بملاحظة قريب من الحسن ومرة وفي التخلّض من جروة "مدام مري" بامتياز حيت نصب لها فخا جعلها تُشنق في توتة المدرسة .
وكان والده قد حرص على تقديم أوراق طلب الحصول على منحة لسي محمود مدير المدرسة . معتذرا منه عما بدر من ابنه بلقاسم في خصوص كلبة زوجته "ماري" التّي تعكرت نفسيتها حزنا على دودي و أصرت على النّقلة من هذه المدرسة بعد أن أخذت ابنتها "جاكلين" وسافرت الى الحمامات لتّحتفل بنجاحها والتّرفيه عنها وعن نفسها...
يتبع..
نصر العماري
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع