دموع الأرز الشامخ
حين تبكي عيون الأرز عليك
أيا بيروت الحب
تبكي الأرض معها رمادا أبيض،
تنتحب السماء معها دخانا أسود
فلا لون اخر للفاجعة يا حبيبتي
غير ألوان الدخان...
حين تبكي عيون الأرز عليك
أيا بيروت الحب
تجف أنهار الدمع بعيون الثكالى
يتجرعن الخواء حتى الثمالة
فلا ماء يطهر صدورهن الفارغة
من لهب الاحتراق
ولا دمع يكفيهن للاغتسال
من جنابة الفراق
حين تبكي عيون الأرز الشامخ عليك
يا بيروت الحب ، أيا بيروت السلام
يتهاوى كل شيء على سفوح الوطن
يسقط الحب شهيدا
أمام حشرجة الفتن
تتداخل قطع اللحم المشوي المتفحم
نثارا بين الأرض والسماء
والبحث جار عن المفقودين
والبحث جار عن الهويات....
ماذا سيقول الأرز لخنساء لبنان
اذا سألته عن بقايا فلذات الأكباد
ماذا عساه يجيب وليس معه
غير أنصاف الأنصاف
غير أرباع الأرباع
وأجزاء الأجزاء؟؟؟
ماذا عساه يقول جبل لبنان
إن رفعت اليه خنساء لبنان عينيها
من أين سيأتيها ببقايا الجثمان
اختلط اللحم بالفحم بالرماد
شواء الوطن بأواخر العيد
هنا تطوف خنساء لبنان
تلتحف وشاحها الفينيقي الملون
ولكن أين تولت تلكم الألوان
صارت كلها إلى الفراغ.
حين تبكي عيون الأرز دما عليك
آيا بيروت الحب
تجثو المنية على ركبتيها
تنهال عليها سياط الفاجعة
كيف لها أن تحصد أجمل الأرواح
حين يبكي الأرز الشامخ عليك يا بيروت
لا يقوى جبل لبنان على الصبر
يتهاوى تحت ركام الرماد
حزنا عليك أيا بيروت
فماذا سيقول للبنان الخنساء؟؟
أنا تعثرت في دمها بدمي يصرخ
أين أبنائي أين أشلائي أين دمى؟
عروق أرضك يا بيروت تفجرت
وأنت تتفحصين وجه بيروت الجميل تأكله النيران
ماذا سيقول الأرز لخنساء لبنان
وليس معه من جثامين أبنائها
غير أنصاف وأرباع وأجزاء الأجزاء
هنا في هذا الدخان تطوف االخنساء
هنا وشاحها الفينيقي الملون
صار الى السواد الحالك
أين خضرة العيون اللبنانية
آين حمرة الورود االلبنانية
كيف لم يبق غير بياض الكفن
ومن من سيلبس الكفن؟؟
هنا تطوف خنساء بيروت
تتفرس عيون الضغينة على وجوه الخونة
تسائلهم واحدا تلو الاخر عن عيونها
أين فلذات أكبادي
قبوري مفتوحة والأكفان
فهاتوا جثامين الوطن
هنا تقتحم خنساء لبنان جميع أوردتي
هنا تخض نزيف دمى العربي
بذات السؤال...
ماذا تراكم تجيبونها؟
نثار قطع اللحم سيجيبها عنكم
عن قصة قابيل وهابيل
عن قتل الأنبياء
عن الذئب تسلل الي غرفة ليلى البيروتية
أكلها قطعة قطعة
وأهل ليلى يتقاتلون خارج الغرفة
أنتم يا طوائف البغاء السياسي السري
ماذا تراكم تقولون وأي كذبة ستحيكون
اذا سألتهم خنساء لبنان عن دم ابنتها
اذا سألتكم عن بقية الأعضاء الناقصة
عن النصف العلوي لجثمان ابنها
وليس معكم غير الأشلاء؟؟
ماذا سيقول لها الأرز الباكي
وليس معه من جثامين أكبادها
غير أنصاف وأرباع وقطع لحم
وأجزاء الأجزاء
هنا نصف جسد ابنها البكر
وهنا بقايا وجه ابنتها الصغرى
وهنا بعض الأطراف
وبضع أصابع
على اليمين سبابة و بنصر
وعلى اليسار معصم وخنصر....
حين يبكي الأرز على بيروت الحب
لا أحد منكم بريء من دم يوسف
حين يبكي جبل لبنان بدمع من نار
لا حشرجات، لا طنين منابر لا نقيق ضفادع
تصبح الألسنة الطويلة خرساء
تتفحم الأفواه المسكونة بالبغضاء
تسكت عن النباح تصمت عن العواء
تعانق مآذن بيروت الكنائس
يمتزجان بلحن جنائزي مهيب
لا صوت يعلو فوق صمت الموت
صبرا بيروت الحب صبرا
سيأتيك الله محملا بالسلام...
سيرفع عن العهن جبل لبنان
هناك يرفرف العلم المفدى
يسترد وجهه الزاهي بكل الالوان
يكفكف دمع الأرز الشامخ على سفوح بيروت
بيروت يا حبيبتي الحزينة على أكبادها
عانقي أحزاني على الوطن الكبير وعليك
ارشقي الوجع الجديد حطبا على صدري
دعي النيران تلتحم بالنيران
هنا جراحك القديمة مازالت مثخنة
هنا ساحة الثورة وتلك الأجنحة المكسورة
كانت تغني للحرية
وكان علم الأرز يلفها بألوان الفرح
ورصاصات تسللت لقلب "علاء"
مات علاء وكم من علاء مات بنيران أخوية
وكم أكل تنور الحرب الأهلية من علاء وعلياء
فدعيني أبكي على صدرك كطفلة
ودعيني أكفكف دمعك كأم
حين يسقي الأرز بدمعه تراب الوطن
ترتوي بماء الحب عروق بيروت
ويقف جبل لبنان من سقطته
يرفرف العلم فوق قمته الشماء
يتعرى يا بيروت وجه المعتدي
تسقط أوراق العهر عن شجرة غيه
فعدوك يا حبيبتي لم يغير قناعه
إن تشكل في سحابة من دخانه
أو تشكل في جحيم من نيرانه
يبقى وجهك الوضاح أجمل
بيروت ان اللقيط لا أب له
وأنت سليلة الملاحم
بنت الفينيق العظيم لا تبكي
صبرا بيروت يا حبيبتي
لن تركعي، لن تهزمي فتذكري
بالأمس القريب جرعته مر الهزائم
ألف تفجير وتفجير
ألف حريق وألف حريق
قلبك موجوع، أنينك مسموع
وثغر العز على الراية الخفاقة باسم
ارفعي رأسك بيروت لا تسقطي
قفي مثل جبل لبنان المقاوم
كوني كسفن صيدا العاشقة للبحر
كأدراج بعلبك اذا امتلأت بأهازيج الصيف
دعي الفيروز تصدح مع البلابل
من قلبي سلام لبيروت...
بقلم الشاعرة حسناء حفظوني / تونس الخضراء
متابعة / سهام بن حمودة
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع