درس من الطّبيعةالسّنة أمد نقضيه و نشهد فيه كلّ الألوان و الأشكال. فيها تتعاقب الفصول متقاسمة الأدوار و الأعمال .تأتي ألوان على انقاض ألوان أخرى وتتجسّم أشكال سمحت ببقاء معالم خلت. التّعاقب في مدار السّنة نحسّه في حياتنا ولا يغيّر من نظرتنا لكلّ فصل أو للسّنة في حدّ ذاتها لأنّنا نرى فيه عدلا وحسابات مدروسة تثري الطّبيعة بزخم من مشاهد مختلفة. ينتهي عمر الفصل فيترك مكانه للفصل الّذي يليه ويترك أثرا بالمكان يغتنمه الفصل الموالي و يبني عليه ويضيف إليه بما في طبيعة الفصل.. يستمرّ التّداول دون أن تحتكر الفصول الزّمان ولا المكان ولا نرى لها نزالا أو تناحرا لتغنم من الأرض دون وجه حقّ من ذلك التّداول وتهيّأ للنّاس فيها مقوّمات طيب العيش . كلّ فصل يعرف حدوده وإمكانيّاته ولا يتجاوزها.. و بقدر ما لديه يدرّ على الطّبيعة و الأرض أثناء اعتلائه عرش السّنة دون انتهاك ما تركه سلفه ّو ابتذاله.. في أرضنا اقتسم السّنة أربعة فصول. في أماكن أخرى من الكرة الأرضيّة قد يتقاسم السّنة فصلان..تلك طبيعتهم و تلك أرضهم وفيها يعيش النّاس على تلك الضّوابط رغم ما فيها من قسوة أو رغم فقدان تلك الأراضي لما تتميّز به أرضنا..لكن النّاس هناك ضبطوا أعمالهم وأفعالهم على الوتيرة المناسبة لطبيعتهم....
في أرضنا تعطينا الطّبيعة درسا في المواقف و الانضباط والحسابات المدروسة لكنّنا نتجنّب الانضباط..نتجنّب الانحياز الى الأرض ولنواميسها ونكتفي بالانحياز الى ما في أنفسنا أو ما يمكن أن يملى علينا من خارج أرضنا ليخدم ضوابط و انحيازات أخرى ..الطّبيعة في ارضنا تعطينا وصفة طبيّة بها يمكن ان نعالج كل أمراضنا لنقف اصحّاء معافين و نوجّه البوصلة نحو ما تقتضيه طبيعتنا .كنت في قسمي مع تلامذتي وقد كنت كلّفتهم مسبّقا بإعداد بحث عن الفصول باللّغة الانجليزية فتشكّلوا فرقا من أربعة تلاميذ يمثّل كلّ تلميذ من الأربعة فصلا ليقدّم محاسنه ومعالمه .. بدأ الدّرس في القسم بمجلوبات التّلاميذ فكانت مشاهد ممسرحة أبدعوا فيها..فكان كلّما خرج تلميذ ليلعب دوره إلاّ وصفّق له أقرانه شكرا وتقديرا لما قدّمه ثمّ يترك مكانه لغيره ليجازيه أصحابه بنفس ما حاز عليه في المسرحيّة وتابعنا درسنا فهمنا من خلاله قيمة تعاقب الفصول على الأرض رغم اختلاف مميّزاتها. الفصول في السّنة نظاما أوهي تعبيرة تحمل برنامجا تجسّده ما في الفصل من ميزات لكنّ هذا البرنامج خاصّ بأرضنا من جهة ويتفاعل مع بقيّة برامج الفصول الأخرى لننتبه بعد ذلك أنّ كلّ فصل يأتي ليلعب دورا معيّنا ومضبوطا ولكنّه دور مفيد وهام تبني عليه بقيّة الفصول فيتكامل بناؤها لينعش الأرض .صفّق التّلاميذ لأقرانهم وهم يبدعون في تمثّل الفصول وفهموا أنّ الاختلاف نعمة وليس نقمة..فيا من تلعبون دورا أو أدوارا في حياتنا هلاّ فهمتم معنى الاختلاف ؟ هلاّ انتبهتم لدور الاختلاف في خدمة أيّ مختلف حوله؟ يا من تسوسون بلدنا هلاّ جعلتم السّياسة بنت البلد وخدمة لها لا نقمة عليها وإهمالا لحاجاتها الّتي تنتظر اختلافكم ليكون حلا لها؟..هلاّ....؟....هلاّ... ؟..
رشدي الخميري / جندوبة / تونس
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع