(مُثيرٌ للدّهشة)
هذه المرّة .. دون تكرار للكرّة .. أعلم أنّني لم أكن شيئاً في هذه المجرّة .. اسمع كلماتي أيّها الغليون .. و اطبع ب قلبك قناعاتي بتصديق أو بدون .. ف سيأتي وقت تنفّذها سواء بعقلك أو بجنون .. استفتِ قلبك ولا تكن محزون .. اجعل دورك في هذه الدنيا مشرّف ميمون .. ك كنز نفيس قيّم أو كثير من الدنانير ربما مليون .. كن صاحب طموح يكبر مع مرور السنون .. اتّخذتك صديقي الوفيّ .. و اعتمدتك رفيقي السخيّ .. حرصت على اتباع التعليمات .. بكل انتباه دون شتات .. قواعد العيش بسلام .. و تحقيق الرغد و الوئام .. أن تحب الناس ك نفسك .. و تواجه حاضرك ك أمسك .. أن تقدّر الاحترام .. أن تبعثر الخصام .. و واجه الألم دون مساس .. و تابع العمل بكل إحساس .. لا تتوقع التقدير الكثير .. ك من شرب من السّراب غدير .. أن تخلص النيّة .. و تميّز بين اللّعب و الجديّة .. عزيزي لا تنم إلاّ بعد ترك الحقد و تذكّر النّعم .. أحسّ أنّ كثير من العلاقات بين الناس بمختلف الأجناس هي أوهام دون أساس .. تفتقد الى التوازن أو الحماس .. ك سمكة تسبح في قلب الصحراء .. ك جمل يطير في الفضاء .. أذكر آخر شيء .. كنت جالساً بين الضوء و الفيء .. أنني نصحته .. و شكرني و سمعته .. لست مدخناً .. لكنّني بكل تحفة قديمة مدمناً .. وضعت صديقي في مكانه بجانب المكتب و ودعته ..
ما هذا ؟!! أرى شيئاً مثيراً للدهشة .. إنّها غابة واسعة .. مساحة شاسعة .. ربوع قابعة .. أشجار كثيرة .. زهور كبيرة .. طريق طويل .. فيه كثير من النّخيل .. أمشي بهدوء .. و الحذر عندي مقروء .. أتأمّل و أتجوّل .. أرى أوراق نباتات غريبة عجيبة .. نباتات صفراء و ثانية سوداء .. و ثالثة زرقاء .. أحجامها متفاوتة .. أكاد أصطدم بها و منها متباعدة .. ببّغاء يصيح ب اسمي و يضيف بعدها مرحباً أيها الشقيّ .. لا تظنّ نفسك مميزاً أو صفيّ و فجأة اختفى .. هنا أفعى بيضاء لونها تسعى و تبتسم و تضيع بين الأعشاب صانعة لدي أشدّ رهاب .. و هناك دبٌّ مخيف يقف و يحترم و بعدها يتقلّص و يذوب ك ماء نفد من أنبوب .. و زرافة تأكل الأوراق و تعلن الوِفاق فتبتلعها الأشجار دون قرار .. أمامي مشهد دامي .. غزال يجري .. يلاحقه نمر بشكل فوري .. ما زال يهرب .. و المفترس يقترب .. رأيت لمعة العيون .. و الحياة أضحت مقلقة ك المنون .. شعرت أن الغزال يرسل النّجدة دون احتمال .. حتى الوحش أحسست بشعوره دون منه أدنى احتيال .. كان جائعاً و جوعه بات للنوم مانعاً .. الغزال يخبرني و يشعرني بحقّه في الحياة .. بل على عائلته .. بحبّه ل فلذات كبده .. و المفترس يبلغني أن هذا مبدأ الغاب .. و يمنعني من العتاب .. حاولت الاقتراب .. لكن شيء ما دفعني للانسحاب .. و بعدها رأيت النّمر يطير و الغزال يغني و يختفي أيضاً .. عالم غريب .. بتفاصيله مريب .. تابعت المسير .. سمعت صوتاً هدير .. أخافَ العصافير .. أما أنا ربما أصابني قليل من الصمم .. نعم .. و الوهن احتدم .. التفتُّ وتلعثمت .. إنّه وحش هصور ك ديناصور .. له أجنحة ك الطيور .. يقف أمامي .. و الاصطدام بات إلزامي .. حاولت أن أركض .. و منعه من أن ينقضّ .. أسنانه كبيرة .. نظراته شريرة .. أحسست ب دنو أجلي .. و تبخّر أملي .. تناولني بيده ك لقمة صغيرة .. و دهشتي باتت كبيرة .. و ما أن اقتربت من فمه .. شعرتُ أنّ أحدهم لَكَمه .. ف اختفى ك بخار كثيف .. و بصوت مخيف .. حتى بات قلبي رجيف .. و أسناني في اصطكاك .. ك أن هناك أشياء لا تراها لكنها تراك .. رأيت فراشة جميلة تطير بين الزهور .. ألوانها زاهية .. كنت ك طفل مسرور .. اقتربت منها .. و ما أن حاولت لمسها حتى كبر حجمها ك فهد ضخم و تغيّرت ألوانها .. و أصبحت شديدة السّواد .. كالعادة أحسست ببعض البلادة ..كأن تفكيري قد توقّف .. و مصيري انتهى دون أسف .. أرادت تذوُّق طعمي و نهش لحمي .. فَتَحت فمها .. فأغمضْتُ عيوني بشدّة.. عندها شعرت بالهدوء ف عرفت أنها اختفت و تبخرت أيضاً .. ما الذي يحدث ؟!! .. أين تذهب هذه المخلوقات ؟!! أأسير بمدينة للأشباح؟!! .. هل هذا مركز الأوهام ؟!! .. حسناً واصلت المسير .. ف رأيت رجلاً غريباً بملابس بيضاء لامعة ف خفت قليلا لكنني بعدها فرحت .. أهلا بك .. أنت أول انسان أقابله في هذه الغابة الغريبة .. صافحته و جلسنا .. أخبرني أنه يقيم هنا منذ زمن بعيد .. هو ليس جديد .. حذّرني من كل صعب شديد .. أما البَبغاء فهو شخص فضولي يغار منك .. فلا تهتم له ولا تلقِ له بالاً .. و أما الأفعى البيضاء فهي غرائزك .. تسرّك و يدهشك جمالها و راحتها لكن اذا استسلمت لها ستلدغك ف كن متحكماً برغباتك .. و أما الدّب فهو جبل الظروف إما أن يثقلك ف يقع عليك و إما أن تصعد عليه و تواجه ظروفك ف اجعله لك لا عليك .. و أما الزرافة ف هي معدتك تأكل و تأكل دون حساب أو مراعاة .. و عند المرض سيأكلك طعامك و يضرّك .. أمّا الغزال و النّمر فهما الخير و الشر و أيضا نفسك اللّوّامة و الأمّارة بالسّوء بداخلك .. و لكلّ منهما مبرّراته ف أحكِم عقلك و استفتِ قلبك و ميّز بين الخير و الشر .. أمّا الوحش الهصور فهو عملك السيّء ف ان أطعته كبر و أصبح عملاقاً ك وحش مخيف و إمّا يأكلك بعقاب الدنيا .. أو تأكله ب عاقبة النار في الآخرة .. و أمّا الفراشة التي سرّك منظرها ف إنها الحياة هذه المدّة القصيرة التي جعلها الرحمٰن بمثابة اختبار لنا .. ف إن أعجبك متاعها و تعلّقت به دون تحضير للامتحان خسرت الأمان .. و عندها يكون فوات الأوان .. حسناً .. شكراً على النصائح لكن أخبرني من أنت ؟ عندها أخبَرَني أنه الضّمير .. و قد انتقل للعيش في هذا العالم الغريب ؛ لأن كثيراً من الناس أقالوه من مهامه و استغنوا عن خدماته و باتوا يعيشون على أهوائهم .. شكراً حضرة الضّمير .. أحسست بشيء يمشي فوق رموشي ف خفت أن يدخل في عيوني ف أغمضتها عندها شعرت بيدي تغلي من شدّة الحرارة ف لم أعد أتحمّل ثم صرخت .. و اذا بي أفتح عيوني ل أجد نفسي في مكتبي و قد احمرّت يدي من أثر دخان الغليون الذي كنت مطبقاً عليه بشدّة .. أيقنت بعدها أن الرحلة قد انتهت .. عرفت أنّني بحاجة إلى مزيد من التعلّم قبل تقديم النّصائح و الحِكَم .. ف الحياة مدرسة كلها إبهار و مفاجآت .. تحتاج للدراسة و التركيز و السّهر عدّة مرات ... ف لا أحد يتعلّم إلاّ عندما تشتد عليه الظروف ك امتحانات مفاجئة دون مقدّمات ..
فادي زهران
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع