سفر إلى الحبيبة
تهرب من ظلام سجنك و تتوق إلى رحابة فضاء حلمت به طول العمر.. تسافر على جناح السّرعة تتجنّب القيود و تتجاوزها.. و تمتطي صهوة جوادك لتلتحق بالحبيبة في الطّرف الآخر من الضّيعة..حبيبتك سليلة العفّة و النّقاء تنتظرك .. و تتزيّن بكلّ قطرة عرق سالت لأجلها من جبينك..حبيبتك تمقت الظّلام رغم أنّه يسكن عينيها و شعرها المتدلّي على كتفيها..تمقته لأنّه يحجب صورتها عن عينيك.. فيفسد بهجتها بأنّك تراه في عينيها و شعرها فقط..و أنت تفرّ من الظّلام لأنّك لا تحبّه إلاّ في مقلتي حبيبتك وفي شعرها الّذي يلوح لك..وهو يلوّح لك لتعرف وجهتها فلا تخفق في الوصول إليها..و يلوّح لك أيضا لأنّه يصل إليك فيستحيل شريانا تضخّ من خلاله دما يعطيها الحياة ويعطيك أنت الانتماء.. ترسل إليك من نور عينيها وميضا يدلّك على الطّريق في ليلك الدّامس..و يسحبك نحو حلمك وحلمها الّذي بات قريب المنال بعد طول السّفر و متاعب الفرار نحوه..تعطيك من نور عينيها لونك و صفتك و خطّ حياتك ..أحسنت صنعا بأنّك أحببتها فليس لها في الكون إلاّ أنت تعرف قيمتها. و ليس غيرك يفكّ شفرة وميض عينيها..فقد لبثت إلى جانبها طول عمرك قبل أن تسلبها منك أيادي تسرق كلّ جميلة و تستعبدها..و تحيل أهلها على الانبتات فاقدين النّسب..أنت الأصيل فواصل التّوق إلى الحبيبة و فكّ أسرها.. أنر من حولها الجبل و البحر و الأمداء حيث يمتدّ شعرها لينير دربك..انتظرتك فلا تخذلها فأسرها طال و قلبها كاد قاب قوسين أو أدنى أن يفرغ من لهفتها عليك..انطلق إلى حبيبتك فوقع حوافر جوادك تدركه نواقيس دقات قلبها المتلهف لاطلالتك والمزغرد لصوت صهيل جوادك كأنّها زغاريد الأم تطلقها فرحا بزواج ضناها..تقدّم متقلّدا العزّة و الكرامة و الذّود عن الحرمة.. و حزبك لمّ الشّمل و فرح الأهل و حبّ البلاد.
رشدي الخميري / جندوبة / تونس
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع