الحروف المتمردة "الجزء الثاني"
استيقظ رشيد على وقع حلمه الغريب، أخد أوراقه المبعثرة، أعاد قراءة نصه الذي كتبه، كانت كل الحروف في مكانها، بحث عن حرف الألف، فوجده في مكانه المعتاد بين بقية الحروف، حاول أن يتأكد من معنى النص، لم يبدو عليه أي تغيير، كل شيء كما فكر فيه وأراده، تعجب من حلمه وتساءل: أيكون الحلم دليلاً على الأحداث الغريبة التي عشتها أثناء إنتاج النص، إختفاء القلم،
وفضول الرجل الغريب الذي كان يجلس بالقرب مني في المقهى[...]
حاول أن يتجنب الحديث عن حلمه، تناول قهوته الصباحية، وأسرع إلى مقر عمله بجريدة الصباح، حيث يشتغل كمدقق لغوي.
دخل إلى مقر الجريدة دون أن ينتبه إليه أحد، إتجه نحو مكتبه الواقع في القسم السفلي من المبنى، مكتب بسيط محشور في زاوية مظلمة، وبرودة غير عادية تعم المكان، أكوام من الأوراق فوق المكتب، وصورة حنظلة معلقة مباشرة فوق رأس الكاتب المدقق.
شرع الكاتب في عمله، بدأ بقراءة أخبار اليوم لتدقيقها، لكنه فوجىء بالبياض، لقد إختفت إفتتاحية الجريدة، تعجب وتصفح باقي الصفحات فوجدها عادية، مقالات بسيطة وأخبار حوادث وجرائم.
تساءل: لماذا لم تختفي باقي الأخبار؟
تذكر أن إفتتاحية اليوم كتبها صحفي معارض تناول فيها وضعية حقوق الإنسان في المدينة، وحاول أن يربط حادث إختفائها بتمرد الحروف في نصه.
قرر أخيراً أن يخبر مدير الجريدة بحادثة إختفاء حروف الإفتتاحية. صعد عبر السلم إلى القسم العلوي من البناية الضخمة، وتوجه مباشرة إلى مكتب المدير، فطرق الباب قبل أن يأذن له المدير بالدخول.
صباح الخير سيدي المدير.
صباح الخير أيها المدقق.
سيدي واجهت مشكلة في عدد اليوم، لقد اختفت الافتتاحية وحل مكانها البياض، فيما باقي المواد موجودة.
تعجب المدير من الحادثة، وأسرع إلى مكتب المدقق حيث عاين إختفاء الحروف، ودعى المسؤول عن الطبع، وحَمَّلَه مسؤولية إختفاء الحروف، لكنه أصر على أن الإفتتاحية طبعت مع باقي المواد الأخرى.
تذكر الكاتب نصه الذي تركه في البيت، اتصل بزوجته وطلب منها أن تقرأ له النص المكتوب في الأوراق الموجودة فوق مكتبه، لكنها أكدت له أن الأوراق لاتزال بيضاء.
وضع الكاتب سماعة الهاتف، ورمى بجسمه فوق الكرسي الخشبي، وهو يقلب في ذاكرته عن حلمه المشؤوم، حروف متمردة تخنقه، الألف يهدده إن إستمر في كتابة نصه الذي لا يعكس إرادة الحروف. حروف أخرى تحاول التسلل خارج المنزل.
يتبع ...
عزالدين الزريويل
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع