"السونس انتردي" 29
جاب الصبيّ و"برّادته" الرّحبة طولا وعرضا يرويان ضمأ المتسوّقين والباعة .وكان كلّما نضب الماء أسرع يدقّ باب منزل ، لاحظ أنه مزود بباب "السوناد " شركة المياه .حيث ترتفع بناية خزان الماء في شكلها الشامخ اتخذ ها"الحاج قاسم " مقرا لاقامته كان الصبي كثيرا ما يراقبه من أسفل البناية بجانب مركز التكوين المهني الذي رفض يوما قبوله لصغر سنّه في حين لفظته المدرسة لرسوبة المتكرّر وكانت امه "تردّد اخياني راهو ايتيم دخلوهولي في اي بلاصة " لكن لا أحد استجاب لتوسلات امّه" في حين لاح شيئ من السّخرية في عيون أعوان المركز الذين تعللّوا بالقانون ...
إلتمس الصبيّ في أدب ممن فتح له ملأ جرّته . فلا أحد يمانع من السكّان ، ويحتسبونه عند الله صدقة جارية .
أحسّ الصبيّ بشيء من التّعب فجلس يريح قدميه النّحيلتين وصندله "الكاوتشو" الأصفر . وأغتنم الفسحة ،فأدخل يده في جيب سرواله "الجينس الأبلح" وأخرج حفنة من القطع النّقدية أغلبها ذات "الدّورو والعشرة فرنك."
كان يعدّ نقوده في حرص ،وبين الحين والآخر يرفع بصره . فجأة ، لمح صاحبه "ّّمسعف حمدان" فهو له عنده نصيب لا يستهان به . لمحه يتحدّث مع بائع البخور " عز الدّين العايق" .
تردّد الصبيّ في الذّهاب اليه ، فقد تكون "المائة فرنك" التّي سيأخذها منه - إن أعطاه اياّها -حراما . قد تضيّع نقوده التى جمعها بمجهوده . فقد سمع أمّه أكثر من مرّة تقول" فلوس الحرام تهز معاها فلوس الحلال" .
تقدّم الصّبي بعد أن اطمأن على نقوده في جيبه وأطمأن قلبه .حين تذكّر أن أمه دائما تقول "الواحد ما يسلمش في حقو" فأحكم قبضته عل البرّادة.
وما إن اقترب حتى سمع "عز الدين العايق "يقول" يا عبد الرّحمان ،هاذوما كفّار ... وما تقوم به في ميزان حسناتك...
خوذهم فلوس حلال و الله لايستحي من الحقّ ... و الانفاق في سبيل الله واجب . .. نحبوك تولي معانا.. وتختار طريق الله ... ونهار آخر يجازيك وتنعم بالجنّة وبالحوريات ... و إنت تعرف الحوريات مهرهم غالي ... وسلعتنا يا صاحبي اليوم مفقودة وغالية ولازمنا كمّية باهية باش القبّة تطير"
فأجابه "شوف يا شيخ ... الخير تحت الثابوت .. . كيف نتحصل عليه تو نعطيك مهر الحوريات ... القلم اللى تحكيلي عليه مانفهموش ... تفاهمنا قبل ما تفرقع أنا نحلّ الثابوت وأنت دبر راسك فرقع والا خلّي ... واونزيدك زياده أنا آش نحيتلو حمدان ؟ ... زوز فرنك ... جماعة الزّرده ..ما عندهمش فلوس هوما معملين على الأرخة بالكريدي"
وتفاجأ بالصبيّ بجانبه فخاطبه
"آه جيت "وقدم له على عجل "مائة فرنك ، ونهره " أيّه اتقلب "
فسأله عزّالدين" آشكون الطفل ؟"
فأجابه "فرخ يبيع في الماء"
فألحح عليه "عز الدين" " قلو يحبّش يخدم معا يا ... ونعطيه وين يبات ... ونعلّمو كلام الله .وكان الصبيّ قد ابتعد ...
فناداه عبد الرّحمان " يا طفل يا متاع الماء تحبّش تخدم ؟ هاني لقيتلك خدمة "
فأجابه الصبيّ "ما نخدمش عند السرّاق" ولاذ بالفرار
فاتّبعه "عبد الرّحمان" كأنه يحاول اللّحاق به متمتما "تقريب شافني" ولد الهجالة"...
يتبع نصر العماري
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع