شريط الاخبار يمر أمامي بالصورة البطيئة..سواد العراق ويتم اليمن وياسمين الشام الاسود واكداس العاج المكدسة فوق الجثث، كلها ماعادت تخز نبضي..ولا أنفك أبحث عنك. أحث الخطى نحوك وأتهيأ لسيناريووات لا حدود لظلالها الوارفة..
أراك في ضحكة طفلة صغيرة، تلاحق طائرتها الورقية. تسحبين خيوطك وتنسجينها شبكة حولي .يسقط جسدي في الفخ ولكن عقلي يواصل تجسسه عليك. تلك الزهرات البرية الرهيفة المتنامية على قارعة الطريق والممتدة من بين شقوق الاسطح والاسوار ترغمني على الوقوف..أمد يدي نحوها اقطفها على عجل وادسها في جيبي تحسبا للقاء طارئ يجمعني بك.
على شاطئ البحر ، تحلق النوارس فوقي..تظللني اجنحتها..اتحسس الرمال تحت أقدامي وأسير كاسير منهك فتح امامه باب الزنزانة فجأة ونسي من اين تقطف الحرية. تضربني الموجة الهادرة ارى طيفك السابح في الملح ..فيزداد عطشي واستعد للغرق فيك..يملأ الماء المالح حلقي..يصيبني خدر وبرد وأنتظر. أنتظر امتداد يدك نحوي، اختنق وتعلو اصوات النوارس..تتكسر مجاذف المراكب على جسدي وانا في مكاني كتمثال طيني..بدا يتفتت...هاهو يذوب ويتحلل.تعتريني ابتسامة عارمة.اتراني ساختلط بذاك اليم الذي تسبحين فيه؟
كم انا منهك! اللعنة على هذا الزمن الذي علمنا كيف نؤمن بوقت نجهل كيف نعدل ساعاته وكيف نضبط موعدا دقيقا. يجتمع الأصدقاء عندي. امارس لعبة الغياب عنهم ومعهم. أفتح الصندوق؛ اصفف القطع بدقة متناهية..هذه لعبتي التي انتصر فيها ابدا..يجتاحني طيفك من جديد..أراك تنقرين باصابعك النحيلة على المربعات البيضاء والسوداء..ترتبك كل الوجوه امامي..تصغر وتصغر وتتلاشى..ابقى معك وجها لوجه واستدعيك للنزال. هذه لعبتي التي هزمت فيها اعتى الملوك والملكات..هاتف مغرور يتنامى داخلي ويكبر كمنطاد.
المح ارتباكك، اشاغب حيرتك وأنت تعدين الخطوات..يسقط جندك تباعا، تنهار البيادق، تتعثر احصنتك وتكبوا. ازحف إلى قلاعك وأدكها..لم يبقى لي سوى الاطاحة بعرشك..ولكنك مددت يدك، مررتها على اناملي ..امسكت وجهي المتعب بين يديك..في تلك اللحظة مر شريط الاخبار امامي ..لقد ازهر ياسمين الشام وانطفات حرائق العراق..ابتسم اطفال اليمن ونمت انياب عاجية جديدة في وجوه فيلة افريقيا.
اختلطت الوان رقعة الشطرنج..هاانا في تلك المنطقة الرمادية..يتهاوى كل شيء امامي وانا استشعر تلك القبلة اللعينة التي حلمت بها كثيرا. ترددين بسخرية" كش ملك" اتجرع هزيمتي وابتسم
-----------
كريمة العباسي / أديبة تونسية
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع