من رواية
" ليالي الهدنة"
ستصدر قريبا عن دار
" ميريت"
----------------
" ليالي الهدنة"
ستصدر قريبا عن دار
" ميريت"
----------------
"الليلة العشرون
بعد الهدنة"
بعد الهدنة"
تناولت حبة من مضادات الأرق، وجلست منتصفة تختها البارد..
خيالات غرفتها المظلمة من حولها، تهمس إلى ظله المنتصب أمامها في صورته الهليوجرامية..
لطالما كان يصيبني الشتاء بالكآبة، بحزن غير مفهوم لا أعلم ما سره، أجلس خلف شبابيك الانتظار ليالي طويلة وكأنني أنتظر غائبًا لا يأتي أبدًا، لكني لم أكن يومًا خائفة، لم يتملك قلبي هذا الشعور بالذعر منذ زمن، كُلَّما غصت فيك أعمق تورطت فيك أكثر، كلما زاد إدماني لك اعتصرني الخوف من الفقد، من الحرمان المفاجئ، من السجن فيك، أو الموت على قيدك.
أشعر وكأني عدت تلك المراهقة ابنة الخامسة عشرة بكل ما هي عليه من قلة حيلة وقلة ثقة وذعر من هذا العالم المتنمر.
همست له بذلك، وهي ملتحفة شال من الفرو الأنيق، نفر تحته جسدها الشهي، إثر لمساته المشاغبة وانزلاقاته المفاجئة فوق بياضها الأملس، تتوهج شغفًا، همَّت إليه خطوة، لكنها تذكرت اتهامه لها سابقًا بأنها نهمة كمن ستجوع للأبد، فتراجعت خطوتين، وفضلت الثبات بالعة اندفاعها بصعوبة..
اللقاء الهادئ الذي لم تعتد عليه ولا تفضله، والحوار الطويل، والوقت المبتور، وسخف المسافة ولقاءاتهما القليلة، جعلها تخرج منه جائعة، جائعة للحد الذي يجعل جهازها العصبي في حالة تأهب..
للحد الذي دفعها لإجابة دون تفكير بنبرة غاضبة، وهما يقطعان الطرقات بخطواتهم المسرعة عندما سألها: كيف حالك؟
- جائعة!
نظر لها بتعجب، فهما للتو خرجا من المطعم!
بادلته النظرة نفسها، فضحكا حتى تبددت ضحكاتهما فوق رصيف النفق المزدحم.
وضعت رأسها الممتلئ بالصور، بالأفكار، بالدخان، بأنفاسه، بطعم تبغها المفضل في ثغره، أغمضت عينيها، وشهقت بالعة إياه في جوفها....
خيالات غرفتها المظلمة من حولها، تهمس إلى ظله المنتصب أمامها في صورته الهليوجرامية..
لطالما كان يصيبني الشتاء بالكآبة، بحزن غير مفهوم لا أعلم ما سره، أجلس خلف شبابيك الانتظار ليالي طويلة وكأنني أنتظر غائبًا لا يأتي أبدًا، لكني لم أكن يومًا خائفة، لم يتملك قلبي هذا الشعور بالذعر منذ زمن، كُلَّما غصت فيك أعمق تورطت فيك أكثر، كلما زاد إدماني لك اعتصرني الخوف من الفقد، من الحرمان المفاجئ، من السجن فيك، أو الموت على قيدك.
أشعر وكأني عدت تلك المراهقة ابنة الخامسة عشرة بكل ما هي عليه من قلة حيلة وقلة ثقة وذعر من هذا العالم المتنمر.
همست له بذلك، وهي ملتحفة شال من الفرو الأنيق، نفر تحته جسدها الشهي، إثر لمساته المشاغبة وانزلاقاته المفاجئة فوق بياضها الأملس، تتوهج شغفًا، همَّت إليه خطوة، لكنها تذكرت اتهامه لها سابقًا بأنها نهمة كمن ستجوع للأبد، فتراجعت خطوتين، وفضلت الثبات بالعة اندفاعها بصعوبة..
اللقاء الهادئ الذي لم تعتد عليه ولا تفضله، والحوار الطويل، والوقت المبتور، وسخف المسافة ولقاءاتهما القليلة، جعلها تخرج منه جائعة، جائعة للحد الذي يجعل جهازها العصبي في حالة تأهب..
للحد الذي دفعها لإجابة دون تفكير بنبرة غاضبة، وهما يقطعان الطرقات بخطواتهم المسرعة عندما سألها: كيف حالك؟
- جائعة!
نظر لها بتعجب، فهما للتو خرجا من المطعم!
بادلته النظرة نفسها، فضحكا حتى تبددت ضحكاتهما فوق رصيف النفق المزدحم.
وضعت رأسها الممتلئ بالصور، بالأفكار، بالدخان، بأنفاسه، بطعم تبغها المفضل في ثغره، أغمضت عينيها، وشهقت بالعة إياه في جوفها....
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع