السّونس انتردي " 21
انزوى "بوجمعة " "بحمدان " جانبا وعينه على برطمان اللّيمون موصيا صبيّه "رُدْ بَالِكْ"
فجثى "حمدان" أمامه، وجلس "بوجمعة " القرفصاء وأمسك بشفرة الحلاقة بين إبهام وسبابة
يده اليُمنى ووضع يسراه على رأس حمدان بعد أن نزع العمامة والشاشية وتهيأ قائلا "
يرحم والديك أعملي سطرين . شَلّطْ و ما ترافِشْ "
فبسمل "بوجمعة" وراح يخِزُ جبين "حمدان" بذؤابة الشّفرة في خفّة ورشاقة ذهابا وإيابا فانبجس الدّم أحمرا داكنا من كل جرح وأخذ يسيل بغزارة وحمدان يمدّ عنقه الى الأمام خافضا رأسه حريصا أن لا يقع الدّم على ثيابه.
تشنفت آذان حمدان وهي تسترق السّمع لصوت قرع الطّبل و النّداء المنبعث من بعيد . وبدأ الصوت يقترب شيئا فشيئا حتي بات واضحا يتخلّله ايقاع ممزوج بين وزن المربّع والختم بين الحين والآخر إنه " درواز البراح" يعلن عن موعد زردة سيدي بن زكري
"يا مومنين زردة سيدي بن زكري نهار الإثنين ، دم تاك تاك ، الحاضر يبلغ الغايب ، دم تاك تاك ... والشيء لله يا أولياء الله ، دم دم تاك تاك... يا مومنين زردة سيدي بن زكري نهار الاثنين ، دم دم تاك .... وا لحاضر يبلغ الغايب...دم دم تاك تاك ....
شعر حمدان بالنّشاط يدبّ في جسده من جديد . فشكر "بوجمعة" الذي كان يصبّ عليه الماء ليغسل وجهه ويفرك له جبينه بقطعة من اللّيمون . فولول حمدان " ابْ... ابْ... ابْ ... ما أحرّها يرحم والديك يا "بوجمعة" زعمه مُتّْ بره ربّي يطوّل عمرك "ووضع شاشيته ولف رأسه بالعمامة مرددا "اييّه... اييّه زغمه مُتّْ " وانصرف وهو يدعو لـ "بوجمعة"
يتبع
نصر العماري
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع