كتاب "وميض في العتمة " في قراءة للأستاذة رجاء محمد المولدي الهرابي
من الكتب صحائف تنضج في تنّورها خبزا للجياع... وتنثر الأمل حيثما حلت في سهول القلب الخصيبة...فيثمر سنابل فرح ... وتمسح الحزن عن يتامى الأرض والحبّ والعدل ببلسم كلماتها الشّافية...تسعى في الأرض نورا بين البشر...فتضيء عتماتهم بأقباس من أرواحها...ولعلّ خير ما فيها، أن ينبجس الفرح من غيوم الحزن ...فيقيم في القلب أعراس الجذل والتّحدّي...ويفيض الوجدان وجدا دفّاقا كالأبوّة في "قف ...إنّها صورة للذّكرى"...والأمومة في "ليلة شتاء باردة"…والبنوّة في "تراتيل راحيل"...فمن رحم الوجع، يولد الفرح...ومن رحم العقم، يولد الخصب فيزهر "ربيعا"او "عبيرا" شذيّا كعبير الطفولة...فيقطّب الولد جراح أبيه حقيقة ومجازا...ويسقيه ماء واقعا ورمزا...ومن رحم الهزيمة يولد النّصر...فتقتصّ روح الّشهيد وهي ترقى من طائرة العدوّ...وتضحك منها ساخرة...في لوحة ترسمها "عيون عربيّة ثاقبة"...وقد تطرب لاعتراف بالجميل لمعلّم كان راعيا لتلاميذه ...ساسهم وأدّبهم وحرسهم من غوائل اللّيل... فرافقهم في الطّريق يمنعهم وعثاءه...وهو في كلّ ذلك أب، أو أمّ،وصديق. ...وقد خلناه قبل ذلك على لسان الرّاوي مصدر رهبة وخوف...
أمّا شكلا، فالقاصّ الدّكتور رياض جراد، يواصلفي آخر الكتاب تجريب شكل قصصيّ جديد كان قد بدأه في مجموعته السّابقة"رتق الرّوح"...هو القصّة الصّورة...وقوامها الإيجاز سردا ووصفا وحوارا...ثمّ الخاتمة المفاجئة. ...فضلا عن البعد الإيحائيّ النقديّ... إذ لها ما للصّورة من تصوير وعمق ودلالة في تكثيف واختزال ...مع الإشارة دون العبارة...والمعنى البعيد محلّ المعنى القريب...
هذا هو جوهر "وميض في العتمة"سؤال فنيّ فضوليّ ...وآخر وجوديّ وجدانيّ جسور مغامر...
عند قراءة الكتاب ستوقن حتما أنّ من يكتبون أكثر النّاس عطاء وأبعدهم عن اللّؤم والبخل ...لأنّهم حاولوا أن يضيفوا إلى الواقع القاتم جرعة من الحلم الأنيق ترقى به وتحلّيه ...لأنّهم أرادوا أن يلقوا على العالم رداء من المحبّة يطهّره وينقّيه...
إنّ من يكتب لكمن يستنبت زهورا في حديقة بديعة...أليست الكتابة فعلا جماليّا يرقى بأذواقنا ويسمو بإحساسنا؟
القراءة،هاهنا، إذنفعل تطهّر...سفر إلى أعماق الرّوح...ولا يكون ذلك إلّا على جناحي كتاب أنست حرفه،فارتقى بك إلى حيث تشاء...
القراءة سكن الرّوح بعد قلق... وارتواء بعد إمحال كأشجار تعبّ من البرك بعد الظمأ...لمّا تترشف برد اليقين والسّلام، فتورق، وتنضر، وتخفق للنّور والنّسيم...
عندما تقرأ هذه اللّوحات على نور "وميض في العتمة"، فإنّك تتخفّف...لأنّك ستلقي بأوزارك على الورق...بعض الثّقل يتحوّل من الدّاخل إلى الخارج…القراءة إذن هي ضرب من التّوازن الفريد...لذا تضحي مع الوقت إدمانا لذيذا عذبا...إنّها تعدّل مزاجك كفنجان قهوة ...تحتسيه في استرخاء على الشاطىء...أو كجولة تقودك فيها قدماك على غير هدى... في ريف بعيد ناء ...
-----
متابعة / سهام بن حمودة
من الكتب صحائف تنضج في تنّورها خبزا للجياع... وتنثر الأمل حيثما حلت في سهول القلب الخصيبة...فيثمر سنابل فرح ... وتمسح الحزن عن يتامى الأرض والحبّ والعدل ببلسم كلماتها الشّافية...تسعى في الأرض نورا بين البشر...فتضيء عتماتهم بأقباس من أرواحها...ولعلّ خير ما فيها، أن ينبجس الفرح من غيوم الحزن ...فيقيم في القلب أعراس الجذل والتّحدّي...ويفيض الوجدان وجدا دفّاقا كالأبوّة في "قف ...إنّها صورة للذّكرى"...والأمومة في "ليلة شتاء باردة"…والبنوّة في "تراتيل راحيل"...فمن رحم الوجع، يولد الفرح...ومن رحم العقم، يولد الخصب فيزهر "ربيعا"او "عبيرا" شذيّا كعبير الطفولة...فيقطّب الولد جراح أبيه حقيقة ومجازا...ويسقيه ماء واقعا ورمزا...ومن رحم الهزيمة يولد النّصر...فتقتصّ روح الّشهيد وهي ترقى من طائرة العدوّ...وتضحك منها ساخرة...في لوحة ترسمها "عيون عربيّة ثاقبة"...وقد تطرب لاعتراف بالجميل لمعلّم كان راعيا لتلاميذه ...ساسهم وأدّبهم وحرسهم من غوائل اللّيل... فرافقهم في الطّريق يمنعهم وعثاءه...وهو في كلّ ذلك أب، أو أمّ،وصديق. ...وقد خلناه قبل ذلك على لسان الرّاوي مصدر رهبة وخوف...
أمّا شكلا، فالقاصّ الدّكتور رياض جراد، يواصلفي آخر الكتاب تجريب شكل قصصيّ جديد كان قد بدأه في مجموعته السّابقة"رتق الرّوح"...هو القصّة الصّورة...وقوامها الإيجاز سردا ووصفا وحوارا...ثمّ الخاتمة المفاجئة. ...فضلا عن البعد الإيحائيّ النقديّ... إذ لها ما للصّورة من تصوير وعمق ودلالة في تكثيف واختزال ...مع الإشارة دون العبارة...والمعنى البعيد محلّ المعنى القريب...
هذا هو جوهر "وميض في العتمة"سؤال فنيّ فضوليّ ...وآخر وجوديّ وجدانيّ جسور مغامر...
عند قراءة الكتاب ستوقن حتما أنّ من يكتبون أكثر النّاس عطاء وأبعدهم عن اللّؤم والبخل ...لأنّهم حاولوا أن يضيفوا إلى الواقع القاتم جرعة من الحلم الأنيق ترقى به وتحلّيه ...لأنّهم أرادوا أن يلقوا على العالم رداء من المحبّة يطهّره وينقّيه...
إنّ من يكتب لكمن يستنبت زهورا في حديقة بديعة...أليست الكتابة فعلا جماليّا يرقى بأذواقنا ويسمو بإحساسنا؟
القراءة،هاهنا، إذنفعل تطهّر...سفر إلى أعماق الرّوح...ولا يكون ذلك إلّا على جناحي كتاب أنست حرفه،فارتقى بك إلى حيث تشاء...
القراءة سكن الرّوح بعد قلق... وارتواء بعد إمحال كأشجار تعبّ من البرك بعد الظمأ...لمّا تترشف برد اليقين والسّلام، فتورق، وتنضر، وتخفق للنّور والنّسيم...
عندما تقرأ هذه اللّوحات على نور "وميض في العتمة"، فإنّك تتخفّف...لأنّك ستلقي بأوزارك على الورق...بعض الثّقل يتحوّل من الدّاخل إلى الخارج…القراءة إذن هي ضرب من التّوازن الفريد...لذا تضحي مع الوقت إدمانا لذيذا عذبا...إنّها تعدّل مزاجك كفنجان قهوة ...تحتسيه في استرخاء على الشاطىء...أو كجولة تقودك فيها قدماك على غير هدى... في ريف بعيد ناء ...
-----
متابعة / سهام بن حمودة
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع