مساء القرنفل والشعر
أهلا
ـ مساء القصيدة والقبل البرتقال
أتسْمعني عبر هذا الأثير؟
وأبْصر قدّك وجْهك
أبصرُ ما يتضوّع من عنبر المسك
منك ومن صوتك العذْب
أبصر بالقلْب كلّ ملابسك الداخليّة حمْراء
أبْصر بالقلب أكْثر لو شئت
ـ من أنْت ّ
كلُّ السّلالات في جسَد واحدٍ
بيْد أنّي الهنيهة لاَأحدٌ
لسْت أكثرَ من شبْه دمّلة في ثيابٍ
ولا أنْطق الكلماتِ
كما النّاسُ إلاّ لماما
وإذ مَا نطقت فالبقيء والسمّ
والقيْح والقهقهاتِ الرّجيمة
من كلّ شيء
على كلّ شيء
ـ لتهدأْ قليلا
ولكن لماذا النّواحات
في الأرض ما لايعدّ
من الطيّبات
الأغاني
النّساء الشهيّات والخمْرة المصطفاة ؟
ـ كذلك في الأرض في كلّ أرْض
من اللّحظة الآن في البدْء ما لايحدّ
من الفقْد،
واليتْم ،
والشّبهات الذّباب،
وأؤمن مثلك
أؤمن أنّ الجريمةَ
كلَّ الجريمة ألاّ تكون حياتُك
مثل الوليمة رهْنَ يديْك
ـ إذن سيّدي
ما اسْمك ؟
الجرْح يحْمل داخله البحْرَ في صرّة
كلّ أسْماء منْ حمّلوني الصّليب
الملامحَ والأبجديّة إسْمي
ولا إسْم لي
هكذا أتحرّر
من كلّ وصْف وذاكرة
هكذا أتحرّر
من كلّ مجْرى وقيْد
ـ ولكنّك الآن يا سيّدي وهنا
كن لنا واضحا
ريثما أتأكد أني أحاور شخصك
لا شبحا طلْسما
من مخيّلة أوغلتْ في اصْطياد السّراب
فكن واضحا
كي تُرى عبْر هذا الأثير مُباشرةً
لمن ينْصتون إليْك بأقْدامِ عفْوا
بأعْماقهم
ـ سأحاولُ قدْر البراءة
مثل اليرَاعة
أنْ أطرد الجنّ عنيّ وعنْ لغتي
لأجرّدَكم من ملابسكم
وأجمّدكم في الشوارع
في المتْحف الوطنيّ بباردو
تماثيلَ للسائح الأجنبيّ المُرابي
فملء احْتجابي التجلّي
وملء التّجلي احْتجَابي
ـ بربّك دون موَاربةٍ
هل نشرْت كتابًا ؟
قبيل خروجي إليك
من البيْتِ مزْدحما بك
كنت نشرتُ الجراحات
غسّلتها بالدّموع
وعلّقتها بالمشَابك في وحشة
كالأجنّة تعْوي من البرْد
تلك تلك الجراحاتُ لم تكُ إلاّ ثيابي
وها إنّني الآن في ظمإ
مثلما الماءُ
عار من اللّون
والجنْس
والعرْق عار
من الملْك والجَاه عار
من أصفر الضحكات السّكاكين عار
من الباطل الشكل
والزخرف القيْد عار
من المعجزات الأباطيل
أؤمن بالحبّ بالبشريّة قاطبة فهي عائلتي
ومعتقدي وانْتسابي
ـ أتقصد أنّك عار تحاورني ؟
ربّما لم أكن أرتدي غيْر جلدي
ولا جلْد لي
غيرها لغتي
تتغيّرُ حين أغيّرُ شكْلَ الإقامةِ
في هوّةٍ أوْ سحابٍ
أتعْني بأنّ اللّغاتِ جميعَ اللّغات
منازلُ نسْكنُها
مثلما يسْكنُ الطيّر مئذنة
في مهبّ الذئابِ ؟
أرى العكْس سيدتي
أرى العكْس
أنّ اللّغات جميع َاللّغات
منازلُها نحنُ تسْكننا
مثلما يسْكنُ العطرُ سوْسنةً في الرّوابي
منازلُها نحنُ
آهلةٌ دوننا دونها بالضّباب
فلا بدّ
لابدّ
من أن نغادرَها
كي نرَى وترَانا
نجددّها ونؤثّثها أبدًا بالغياب
ـ فمعذرةً
ما فهمت ولكنّني لا أشاطرك الرأي
ليْس مهمًّا
فكيْف هنا الآنَ حالك في عالم الغَاب هذا
من الهرْطقات الخراب ؟
كما الطقس أحْيا الفصول
بكاملها الآن في لحْظة واحده
أتبعْثرُ متّحدا مثل سنْبلةٍ
مقمرا ممْطرا أكفهرّ
كما الطقس أحْيا حياةَ الكلاب
كأني انْتهيت الهنيهةَ في الركْن من عَادتي
رغْبة في التناسل من عدم
رغبةً في الخروج عن القدر المستراب
ـ فهل أنْت حقّا جننْت
لتخدشَ وجْه الملاك الذي كان يرْبط ما بيننا
من أواصرَمثْمرَةٍ ؟
لاأحبّ الرّباطات مهما تكن فهي أقنعةٌ
هل سواه الجنونُ
على نخْبة الخصْي والوأْد
والفاحش الطبقيّ جوابُ الجواب
بربّك دون مخاتلةٍ أو مساحيقَ
باذخةِ الوهْم مستورده
بربّك هاتي دليلا ولو وَاحدا
ما يفنّد صيْحاتنا
أنّ واقعنا الزفْت ماكان قيْئا
ولامدْجنَه
وهاتي دليلاً ولوْ واحدًا
ما يؤكّد أوهامَنا
أنّنا بشرٌ ليْس محْض دواب
أتنْكرُ أنّ الحياة على هذه الأرض ممكنه؟
لو يدًا بيدِ
لو معًا نتقاسم لذاّتها وعذاباتها
لو نطوّع فولاذها للإنارة والحبّ
لا للإغارة والحرْبِ والإحْتطاب
لعلّ نطير
ـ إلى أيْن ؟
ـ إلى أيِّ هاويّةٍ
نحنُ من نحنُ ؟
لاشيءْ
لاشيء لسْنا نُضَاهي فرنْكا
ولابزقةً في محيّا الدّنى،
لاولا ريشةً في جناحِ الغرابِ
ـ فما بالك الآن حقًا تبالغُ فيما تَرى
مفْرطا في المناحاتِ في الرفْضِ والإرْتياب؟
هل الباب حقّا هو البابُ
والكلماتُ هي الكلماتُ
هل المزْهريّة حقّا هي المزْهريّة
والشمْعدانُ هو الشمْعدانُ
هل الكائن الآدميّ هو الكائن الآدميّ
لكي نطمئنّ إلى هكذا
شعْوذاتٍ مقدّسةٍ
لقّنونا عواسجَها، سُمّها،
وقد حنّطونا بأدعيّة الواحد المسْتجاب
وكنا نصدّق كيْف نصدّق
أنّ بحرْف من الجرّ يمكننا
أن نفجّردبّابةً
وكنّا نصدّق كيف نصدّق
أنّ بحرف من اللّين يمكن إسْقاط طائرة
وكنّا نصدّق كيف نصدّق
أنّ بقافية من معلّقة الجاهليّ
نردّ العدى ونصيبُ من الغيْب أشْهى العذارى
ـ كأنّك تهْذي وتهذر
معذرةً ثمّ معذرةً
دونَ زخْرفةٍ
أيُّ شيءٍ
هنا في البلاد الصّغيرة محْبوبتي هذه
ليس أضْيق من إبْرة
ليس يفقدنا
غيْرَ إيماننا
غيْرأحْلامنا
غيْر أنفسِنا وجماجمِنا والصّواب
ـ فما الحلّ؟
ـ أنْ نكْسر القيْد كلّ التّماثيل
لوْ أنّنا لو نبيع مساجدَنا ومتاحفنا
ومدارسنا وكتاتيبنا وسراويلنا كلّها
هل نسدّد ديْنا بسيطا
لنفلتَ من ربْقة الأجْنبيّ المهاب
وهل هي قدْ أطْعمت جائعا أو حمتْنا
من القتله
من النفْي والإغتراب
إذا لنعيد التأمّل في ذاتنا
أنْ نقوّض فكْرتنا
أنّنا في البسيطة خير الخليقة آلهة
ونغيّر شكْل الإقامة ،رؤْيتَنا
ريثما نلْتقي دمنَا غدنَا ،
ثم ّنهجم ليلا على البرْلمان
ندقّ بمطْرقة الكادحين الحزانى
مقاعد أعضاءه بالمسَامير
نجلسهم فوقها ونعلّقهم
من أظافير سيقانهم
بعد أن نجرّدَهم من ملابسهم
ثم نتركهم عبْرة الهالكين
إلى أبد الدهْر نتركهم كالدّمى
والنسورُ محوّمة تتناهشُ أحْداقهم
هكذا عِبْرة من سعير العذاب
لمن سوف يأتي
إلى سدّة العرش بعد
ـ فهلاّ ذهبت إلى الإنتخاب؟
ذهبت مع الذّاهبين من المعدمين
ولكنّني في الحقيقة لم أنْتخب أحدا
غير عضوي الصّغير
ففي خلوة العرْس دلكّت أوْداجه مطلق الإنْتصاب
وأفرغت داخل مهواة عنقاء صندوقهم
بتّ ليلتها، بت مرْتقبا
كان مسخا لقيطا
ولاليْس يشبهني
كلّ من فاز بالأغلبيّة في عمَه مشْتراةً
وقد بتّ ليلتها
بتّ مستنبحا
أتقيّأُ ملْء الرّهاب
وقد كدْت أقْطع عضوي الصّغير
أعلّقه رايةَ الرفض
أعلن من منبري الآن هذا انْسحابي
--------
متابعة / سهام بن حمودة
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع