حين تشقّ النّائحات الجيب وتحثو تونس الرّغام على الوجوه العابثة:
... من أين آتيكم بقلب يناسبكم يا أبناء النّكدة؟ من أين كسبتم كلّ هذا الفُجر لتظلّوا هادئين أمام فتات لحم أمّهاتكم وقد خالطه ثمرٌ جَنَيْنَه بعرق جبينهنّ لتظلّوا أنتم أسيادًا؟.. مذ وُجدن وهنّ يصرفن من جلودهنّ ودمائهنّ فتتقلّص العظام من هنّ وتقصر القامات لتَفرعوا أنتم وتسمنوا وتمشوا في الأرض مرحًا وتتيهون تيهًا.. أمن أجل هذا أحببن وزُففن وحبلن وتمخّضن وتضوّرن وتمزّقت بطونهنّ وأرحامهنّ وتدلّت نهودهنّ يا مصّاصيها يا جياع؟؟؟ نشأتم على الجوع وقفلتم أقنية الإحساس والملامح الإنسانية في أجسامكم البلاستيكية.. يا عديمي الحياء أتعقرون النّساء على سُجّادكم الأحمر ؟ ألا تلذعكم نخوةُ الرّجولة ؟ أ لا تستحون؟ من سيبكيكم إن خفّفتم على الملائكة برحيلكم يا شياطين؟ بمن ستتدثّرون ساعات الصّقيع؟ إلى من ستأوون بضعفكم وفشلكم؟ فمن سيطيّب خاطركم إن بقي لكم في الأفئدة خواطر؟ .. من سيزرع أرضكم وينقّيها من شوائبها وأنتم الشوائب؟ ألا انعموا بجرائمكم وأفسدوا في الأرض وأحرقوا الأخضر قبل اليابس وأنبتُوا الدّود مكان الثّمر والجمر مكان الزّهر وأحرقوا الغذاء ودسّوا سمومكم في كلّ مكان .. لا تسيّجوا للجبّانة فالحمد لله كلّ أديم الأرض يصلح للقبر حتى الأكفان لم تعد تناسبنا فهي بيضاء وقلوبنا سواد مقيت..وحدها الأرض مازالت حمقاء ما فارقتها خُضرتها ووحده الماءُ مازال أبله لا يكفّ عن العطاء ووحدها السّماء مازالت مترفّعةً عن فعالكم فمالها لا تنطبق عليكم يا أهل العقوق. أمسى الخير عندكم سُبّةً ومفاخركم شقاق ونفاق .. أين القلوب العاطفة والعين الدّامعة والأيادي السّخية ؟؟؟ أين أنتم من الأنس والإنسان؟؟؟ بكت عيوننا حتى شاحت وتألّمت السّويداء حتى انفطرت .. حنقت الصّدور وتاهت البوصلة حتى عافتنا الملائكة وهجرنا الفرح وإن نحن راودناه تمنّع.. انغلقت السّبل وأضحى نورنا أصفر كالفناء.. أبعد كلّ هذا ستشفق السّماء وتحلم الجرداء ويلتئم الدّم المسفوك في الجلد وتستعيد الأرواح يناعتها من الإسفلت؟؟ آه منكم يا أبناء الزّفت لا تقربوا أكفانهنّ وذروها نقيّةً وحاولوا التّطهّر من لعناتكم الأبدية...
------
عمار التيمومي (الموت لعنة بوجوه الفجّار)
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع