حلم السّياحة والانتجاع
(الشّابّة عروس المتوسّط)
الشّابّة مدينة بيضاء تغمس رأسها في حوض المتوسّط وقد علاه تاج من زمن الأوّلين إنّه قصر قبّودية الذي كثيرا ما وسمت المدينة باسمه تشريفًا وتوقيرًا.. يختصم في المدينة سبيلا المهدية وصفاقس التي تمتدّ جنوبها على بعد ستّين كيلومترا في حين تقع المهدية شمالها على بعد ثلاثين كيلومترّا.. كما يتنازع المدينة نمطها الفلاحيّ على اليابسة بغابات زيتونها الشّاسعة ونمطها الفلاحيّ البحريّ فاليمّ الكبير فيها معطاء بلا حدود .. وهكذا فقد توزّع الشوابّية بين أرض ولود وبحر كريم فكان نشاطهم فيهما أساسا ونعموا بوفرة الخيرات من الرّاحتين..
الشّابّة منّة البحر سكنها الإنسان لعصور خلت فبادت الأعصر وهي كاعب يراودها البحر ويُلقي عند ساقيها كنوزه ودُرره طالبًا ودّها إلاّ أنّها تلاوعه وتتمنّع كي تداوم لحظة العشق وتُؤبّدها أسوة ببنتها خديجة ساكنة البُرج ومُودعته كنزَها وحُبَّها وهي العاشقة الشّاعرة الفصيحة الحكيمة فَتَنَت حبيبها فتتيّم بها غير أنّ الأهل أعاقوا وِصاليهما فخَلُد الحبّ وهو في أوجه وأوج بهاء العاشقة الشّابة ولعلّها هي التي خلعت اسمها وولهها على مدينة بأسرها فصرع هواها ومقامها "قصر قبّودية" بجلالة قدره وعَتاقته.. فالهوى في الأنفس غلاّبٌ لا مَحالةَ...
الشّابّة شاطئ مديدٌ صافٍ ماؤُه لطيفٌ عمقُه جذّابةٌ رمالُه عليلةٌ نسائمهُ خلاّبٌ منظرهُ ساحرةٌ أمواجهُ مُلاوعٌ زبَدهُ .. يلين الشّاطئ وأنت تطأه يفتح ذراعيه لمن يقصدهُ .. تشعر وأنت تحُلّ بالمكان أنّك وُلدت هُناك فلا غُربةَ تعتريك ولا لَأْيَ يُؤسيك.. بل اِسْعَدْ فأنت بدِيار الأُنس وأَشْرِعْ مدائنَ الحِسّ .. العينُ منك راضيةٌ والرّوحُ زاهيةٌ والآمالُ عاليةٌ والقلبُ فيك نابضٌ والعقلُ في النّعيم رابضٌ والجسدُ بالنّكهات ملفوفٌ والفؤادُ على سُندسها ملهوفٌ...
الشّابّة مهدٌ في بيت بحريّ تُهدهده نغمات الموج ويمرح في روضات الأرض المرج تلو المرج بين سِحناتٍ باسمة وإن أضناها الجُهدُ حالمة وإن أثقلها إملاقٌ.. يغدو أهل الشّابّة ويروحون ولا يبخلون بالكدّ ولا يضنّ عليهم الودّ فأهدافهم في الحياة مرسومةٌ مُسبقًا إذ لا همّ لهم إلاّ عملٌ تغني ثمراته عن إسناد الآخر فالشّابيّ يختصّ دون غيره بالتّعويل على الذّات وتعلّقه بأرضه وبحره ومدينته البيضة يذود عن حماها بما ملكت يده ويبذل في غرامها عُمُره وينبري مغتبطًا نشيطًا...
أمّا زائرها فمحظوظ كلّ الحظ بمُناخها السّاحر وقبول أهلها الطّيّبين والظّفر بخيراتها ورفقة أبنائها دمثي الأخلاق والسّباحة بعيون بنات خطفن لها من البحر لونه في غفلة منه فغدون متاهةً للنّاظر وشراك وَلَهٍ لا محيدَ عن سِهامه النّافذة..
ترسو بميناء الشّابة فلائك وسفينٌ مظفّرة أعلامها خفّاقةٌ يركبها فرسان البحر من شبّان المدينة ويؤوبون بعد رحلاتهم وأغانيهم بموفور الصّيد وقد سكنتهم الأماني البسيطة وتوزّع ثروة بحرهم على كلّ الأسواق المجاورة وأسماكهم طيّبة ولذيذة...
وللشّابيّات تعلّق متين بملابسهنّ التّقليدية وقد زانتها ضفائر مطرّزة وحليّ يُثقل العرائس فيفخرن بانتمائهنّ في تواضع من هو أهل لما يملك وشدوهنّ لا ينقطع وعنايتهنّ بالحقول والدّور والذّراري لا ينافسهنّ فيها الأزواج المنقطعون إلى هوى البحر.. وتصنع الشابية في صبر ملابس وأغطية وتتفنّن في إعداد المآكل وصنع الحلويات ولعلّ أشهى ما وصل يد راوينا البقلاوة وكعك الورق العطرين سالبيْ اللّب فيكفكف لذكراهما لعابا يكاد يسيل على ذقنه...
الشّابة فُلقة عشق على ضفاف المتوسّط الهادئة مازارها زائر إلاّ ووقع في هوى نسيمها وشواطئها ولطف أهلها فتراه عاقد العزم على العودة ولا يفطمه عنها إلاّ ضائقات الحياة ولوازم الاستمرار بعيدا عنها وله نحوها شوق لا يني ولا يطفأ...
الشّابّة منّة البحر سكنها الإنسان لعصور خلت فبادت الأعصر وهي كاعب يراودها البحر ويُلقي عند ساقيها كنوزه ودُرره طالبًا ودّها إلاّ أنّها تلاوعه وتتمنّع كي تداوم لحظة العشق وتُؤبّدها أسوة ببنتها خديجة ساكنة البُرج ومُودعته كنزَها وحُبَّها وهي العاشقة الشّاعرة الفصيحة الحكيمة فَتَنَت حبيبها فتتيّم بها غير أنّ الأهل أعاقوا وِصاليهما فخَلُد الحبّ وهو في أوجه وأوج بهاء العاشقة الشّابة ولعلّها هي التي خلعت اسمها وولهها على مدينة بأسرها فصرع هواها ومقامها "قصر قبّودية" بجلالة قدره وعَتاقته.. فالهوى في الأنفس غلاّبٌ لا مَحالةَ...
الشّابّة شاطئ مديدٌ صافٍ ماؤُه لطيفٌ عمقُه جذّابةٌ رمالُه عليلةٌ نسائمهُ خلاّبٌ منظرهُ ساحرةٌ أمواجهُ مُلاوعٌ زبَدهُ .. يلين الشّاطئ وأنت تطأه يفتح ذراعيه لمن يقصدهُ .. تشعر وأنت تحُلّ بالمكان أنّك وُلدت هُناك فلا غُربةَ تعتريك ولا لَأْيَ يُؤسيك.. بل اِسْعَدْ فأنت بدِيار الأُنس وأَشْرِعْ مدائنَ الحِسّ .. العينُ منك راضيةٌ والرّوحُ زاهيةٌ والآمالُ عاليةٌ والقلبُ فيك نابضٌ والعقلُ في النّعيم رابضٌ والجسدُ بالنّكهات ملفوفٌ والفؤادُ على سُندسها ملهوفٌ...
الشّابّة مهدٌ في بيت بحريّ تُهدهده نغمات الموج ويمرح في روضات الأرض المرج تلو المرج بين سِحناتٍ باسمة وإن أضناها الجُهدُ حالمة وإن أثقلها إملاقٌ.. يغدو أهل الشّابّة ويروحون ولا يبخلون بالكدّ ولا يضنّ عليهم الودّ فأهدافهم في الحياة مرسومةٌ مُسبقًا إذ لا همّ لهم إلاّ عملٌ تغني ثمراته عن إسناد الآخر فالشّابيّ يختصّ دون غيره بالتّعويل على الذّات وتعلّقه بأرضه وبحره ومدينته البيضة يذود عن حماها بما ملكت يده ويبذل في غرامها عُمُره وينبري مغتبطًا نشيطًا...
أمّا زائرها فمحظوظ كلّ الحظ بمُناخها السّاحر وقبول أهلها الطّيّبين والظّفر بخيراتها ورفقة أبنائها دمثي الأخلاق والسّباحة بعيون بنات خطفن لها من البحر لونه في غفلة منه فغدون متاهةً للنّاظر وشراك وَلَهٍ لا محيدَ عن سِهامه النّافذة..
ترسو بميناء الشّابة فلائك وسفينٌ مظفّرة أعلامها خفّاقةٌ يركبها فرسان البحر من شبّان المدينة ويؤوبون بعد رحلاتهم وأغانيهم بموفور الصّيد وقد سكنتهم الأماني البسيطة وتوزّع ثروة بحرهم على كلّ الأسواق المجاورة وأسماكهم طيّبة ولذيذة...
وللشّابيّات تعلّق متين بملابسهنّ التّقليدية وقد زانتها ضفائر مطرّزة وحليّ يُثقل العرائس فيفخرن بانتمائهنّ في تواضع من هو أهل لما يملك وشدوهنّ لا ينقطع وعنايتهنّ بالحقول والدّور والذّراري لا ينافسهنّ فيها الأزواج المنقطعون إلى هوى البحر.. وتصنع الشابية في صبر ملابس وأغطية وتتفنّن في إعداد المآكل وصنع الحلويات ولعلّ أشهى ما وصل يد راوينا البقلاوة وكعك الورق العطرين سالبيْ اللّب فيكفكف لذكراهما لعابا يكاد يسيل على ذقنه...
الشّابة فُلقة عشق على ضفاف المتوسّط الهادئة مازارها زائر إلاّ ووقع في هوى نسيمها وشواطئها ولطف أهلها فتراه عاقد العزم على العودة ولا يفطمه عنها إلاّ ضائقات الحياة ولوازم الاستمرار بعيدا عنها وله نحوها شوق لا يني ولا يطفأ...
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع