نص مقايضة من كتابي وميض في العتمة - رياض عبد الرزاق جراد
مقايضة
طفلة في الخامسة، شعرها ملبّد تربطه خصلتين واحدة على اليمين والثانيّة على شمالها، تلبس أثوابا صوفيّة رثّة لا تناسب حرارة الطّقس المرتفعة وحذاء باليا ذهبت الأتربة بلونه، فاهترأ، وتمزّق كأنّه يضحك ساخرا من بؤسها.
كانت تتّكئ على واجهة محلّ تنظر إلى اللّعب المعروضة بعين كسرتها الحاجة، فذبلت، وكسفت...رفعت قدمها اليسرى وجعلت كلّ ثقلها على اليمنى... خيّل إليه أنّها تقول:
" لا تغضبي منّي يا يمناي… فإنّي أريح يسراي... والله ما فضّلتها عليك لكنّي أناوبكما كي أمدّ في أنفاس حذائي ... فإن ثقل على هامتك جسمي، فاطلبي لي عذرا فإنّي -والله- أبغي أن أحميك من لسع ولذع وأشواك"...
اقترب منها، ولمح دمية في مثل حجمها معروضة تلبس فستانا أزرق وحذاء أحمر وقبعة زيّنتها شرائط حمراء وزرقاء ... كانت نظرات الصّبيّة متعلّقة بالدّمية يكسوها
حزن عميق... فكان لا يدري هل كانت حزينة إذ لا تستطيع شراءها؟ أم لأنّها تغبطها على ملابسها الّتي لا تحتاجها؟ أمسك يدها الصّغيرة وأدخلها المحلّ، طلب من التّاجر أن يحضر الدّمية نقده ثمنها وسلّمها إيّاها... أمسكت الدّمية بفرح كالموج الغامر ... أوقفتها، ثمّ تراجعت إلى الخلف خطوة أو خطوتين، ونظرت إليها وابتسمت، تصوّرت لوهلة أنّها أختها،أو أنّها طفلة في مثل سنّها قاسمتها قطعة خبز على رصيف الّتشرد ... تحرّكت نحوها تعانقها... لكنّ الدّمية لم تحرّك يديها لتحتضنها ... لم تسمع دقّات قلبها، ولم تحسّ نبضها ...كانت الدّمية ميتة أو هكذا حسبتها ... نظرت إليه، وقالت:" هل هي لي؟"
قال:" نعم"
قالت:" هل أفعل بها ما أشاء"
أجاب:" نعم"
نزعت عنها الفستان والقبّعة والحذاء... ثمّ قدمتها للبائع قائلة:
"سيّدي هل أبيعك دمية عارية مقابل رغيف خبز"
مقايضة
طفلة في الخامسة، شعرها ملبّد تربطه خصلتين واحدة على اليمين والثانيّة على شمالها، تلبس أثوابا صوفيّة رثّة لا تناسب حرارة الطّقس المرتفعة وحذاء باليا ذهبت الأتربة بلونه، فاهترأ، وتمزّق كأنّه يضحك ساخرا من بؤسها.
كانت تتّكئ على واجهة محلّ تنظر إلى اللّعب المعروضة بعين كسرتها الحاجة، فذبلت، وكسفت...رفعت قدمها اليسرى وجعلت كلّ ثقلها على اليمنى... خيّل إليه أنّها تقول:
" لا تغضبي منّي يا يمناي… فإنّي أريح يسراي... والله ما فضّلتها عليك لكنّي أناوبكما كي أمدّ في أنفاس حذائي ... فإن ثقل على هامتك جسمي، فاطلبي لي عذرا فإنّي -والله- أبغي أن أحميك من لسع ولذع وأشواك"...
اقترب منها، ولمح دمية في مثل حجمها معروضة تلبس فستانا أزرق وحذاء أحمر وقبعة زيّنتها شرائط حمراء وزرقاء ... كانت نظرات الصّبيّة متعلّقة بالدّمية يكسوها
حزن عميق... فكان لا يدري هل كانت حزينة إذ لا تستطيع شراءها؟ أم لأنّها تغبطها على ملابسها الّتي لا تحتاجها؟ أمسك يدها الصّغيرة وأدخلها المحلّ، طلب من التّاجر أن يحضر الدّمية نقده ثمنها وسلّمها إيّاها... أمسكت الدّمية بفرح كالموج الغامر ... أوقفتها، ثمّ تراجعت إلى الخلف خطوة أو خطوتين، ونظرت إليها وابتسمت، تصوّرت لوهلة أنّها أختها،أو أنّها طفلة في مثل سنّها قاسمتها قطعة خبز على رصيف الّتشرد ... تحرّكت نحوها تعانقها... لكنّ الدّمية لم تحرّك يديها لتحتضنها ... لم تسمع دقّات قلبها، ولم تحسّ نبضها ...كانت الدّمية ميتة أو هكذا حسبتها ... نظرت إليه، وقالت:" هل هي لي؟"
قال:" نعم"
قالت:" هل أفعل بها ما أشاء"
أجاب:" نعم"
نزعت عنها الفستان والقبّعة والحذاء... ثمّ قدمتها للبائع قائلة:
"سيّدي هل أبيعك دمية عارية مقابل رغيف خبز"
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع